Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 83-86)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كان الله تعالى ، قد واعد موسى أن يأتيه لينزل عليه التوراة ثلاثين ليلة ، فأتمها بعشر ، فلما تم الميقات ، بادر موسى عليه السلام إلى الحضور للموعد شوقاً لربه ، وحرصاً على موعوده ، فقال الله له : { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } أي : ما الذي قدمك عليهم ؟ ولم لمْ تصبر حتى تقدم أنت وهم ؟ قال : { هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي } أي : قريباً مني ، وسيصلون في أثري والذي عجلني إليك يا رب طلباً لقربك ومسارعةً في رضاك ، وشوقاً إليك ، فقال الله له : { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ } أي : بعبادتهم للعجل ، ابتليناهم ، واختبرناهم ، فلم يصبروا ، وحين وصلت إليهم المحنة ، كفروا { وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } . { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً } وصاغه فصار { لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُواْ } لهم { هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ } فنسيه موسى ، فافتتن به بنو إسرائيل ، فعبدوه ، ونهاهم هارون فلم ينتهوا ، فلما رجع موسى إلى قومه وهو غضبان أسف ، أي : ممتلئ غيظاً وحنقاً وغماً ، قال لهم موبخاً ومقبحاً لفعلهم : { يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } وذلك بإنزال التوراة ، { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ } أي : المدة ، فتطاولتم غيبتي وهي مدة قصيرة ؟ هذا قول كثير من المفسرين ، ويحتمل أن معناه : أفطال عليكم عهد النبوة والرسالة ، فلم يكن لكم بالنبوة علم ولا أثر ، واندرست آثارها ، فلم تقفوا منها على خبر ، فانمحت آثارها لبعد العهد بها ، فعبدتم غير الله ، لغلبة الجهل ، وعدم العلم بآثار الرسالة ؟ أي : ليس الأمر كذلك ، بل النبوة بين أظهركم ، والعلم قائم ، والعذر غير مقبول ؟ أم أردتم بفعلكم ، أن يحل عليكم غضب من ربكم ؟ أي : فتعرضتم لأسبابه واقتحمتم موجب عذابه ، وهذا هو الواقع ، { فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } حين أمرتكم بالاستقامة ، ووصيت بكم هارون ، فلم ترقبوا غائباً ، ولم تحترموا حاضراً .