Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 7-9)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا جواب لشبه المكذبين للرسول القائلين : هلاَّ كان مَلَكاً ، لا يحتاج إلى طعام وشراب ، وتصرُّف في الأسواق ، وهلاَّ كان خالداً ؟ فإذا لم يكن كذلك ، دلّ على أنه ليس برسول . وهذه الشبه ما زالت في قلوب المكذبين للرسل ، تشابهوا في الكفر ، فتشابهت أقوالهم ، فأجاب تعالى عن هذه الشبه لهؤلاء المكذبين للرسول ، المقرين بإثبات الرسل قبله - ولو لم يكن إلا إبراهيم عليه السلام ، الذي قد أقر بنبوته جميع الطوائف ، والمشركون يزعمون أنهم على دينه وملته - بأن الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، كلهم من البشر ، الذين يأكلون الطعام ، ويمشون في الأسواق ، وتطرأ عليهم العوارض البشرية ، من الموت وغيره ، وأن الله أرسلهم إلى قومهم وأممهم ، فصدقهم من صدقهم ، وكذبهم من كذبهم ، وأن الله صدقهم ما وعدهم به من النجاة والسعادة لهم ولأتباعهم ، وأهلك المسرفين المكذبين لهم . فما بال محمد صلى الله عليه وسلم ، تقام الشبه الباطلة على إنكار رسالته ، وهي موجودة في إخوانه المرسلين ، الذين يُقِرُّ بهم المكذبون لمحمد ؟ فهذا إلزام لهم في غاية الوضوح ، وأنهم إن أقروا برسول من البشر ، ولن يقروا برسول من غير البشر ، إنّ شبههم باطلة ، قد أبطلوها هم بإقرارهم بفسادها ، وتناقضهم بها ، فلو قدر انتقالهم من هذا إلى إنكار نبوة البشر رأساً ، وأنه لا يكون نبي إن لم يكن ملكاً مُخَلداً ، لا يأكل الطعام ، فقد أجاب [ الله ] تعالى عن هذه الشبهة بقوله : { وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَٰهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } [ الأنعام : 8 - 9 ] . وأن البشر لا طاقة لهم بتلقي الوحي من الملائكة { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } [ الإسراء : 95 ] فإن حصل معكم شك وعدم علم بحالة الرسل المتقدمين { فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ } من الكتب السالفة ، كأهل التوراة والإنجيل ، يخبرونكم بما عندهم من العلم ، وأنهم كلهم بشر من جنس المرسل إليهم . وهذه الآية وإن كان سببها خاصاً بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين لأهل الذكر ، وهم أهل العلم ، فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين ، أصوله وفروعه ، إذا لم يكن عند الإنسان علم منها ، أن يسأل من يعلمها ، ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم ، ولم يؤمر بسؤالهم إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه . وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهيٌ عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم ، ونهيٌ له أن يتصدى لذلك ، وفي هذه الآية دليل على أن النساء ليس منهن نبية ، لا مريم ولا غيرها ، لقوله { قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً } .