Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 5-6)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يذكر تعالى ائتفاك المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به من القرآن العظيم ، وأنهم سفهوه وقالوا فيه الأقاويل الباطلة المختلفة ، فتارة يقولون : { أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } بمنزلة كلام النائم الهاذي ، الذي لا يحس بما يقول ، وتارة يقولون : { ٱفْتَرَاهُ } واختلقه وتَقوَّله من عند نفسه ، وتارة يقولون : إنه شاعر وما جاء به شعر . وكل من له أدنى معرفة بالواقع ، من حالة الرسول ، ونظر في هذا الذي جاء به ، جزم جزماً لا يقبل الشك ، أنه أجل الكلام وأعلاه ، وأنه من عند الله ، وأن أحداً من البشر لا يقدر على الإتيان بمثل بعضه ، كما تحدى الله أعداءه بذلك ، ليعارضوا مع توفر دواعيهم لمعارضته وعداوته ، فلم يقدروا على شيء من معارضته ، وهم يعلمون ذلك وإلا فما الذي أقامهم وأقعدهم وأقض مضاجعهم وبلبل ألسنتهم إلا الحق الذي لا يقوم له شيء ، وإنما يقولون هذه الأقوال فيه - حيث لم يؤمنوا به - تنفيراً عنه لمن لم يعرفه ، وهو أكبر الآيات المستمرة ، الدالة على صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وصدقه ، وهو كاف شاف ، فمن طلب دليلاً غيره ، أو اقترح آية من الآيات سواه ، فهو جاهل ظالم مشبه لهؤلاء المعاندين الذين كذبوه وطلبوا من الآيات الاقتراح ما هو أضر شيء عليهم ، وليس لهم فيها مصلحة ، لأنهم إن كان قصدهم معرفة الحق إذا تبين دليله ، فقد تبين دليله بدونها ، وإن كان قصدهم التعجيز وإقامة العذر لأنفسهم ، إن لم يأت بما طلبوا فإنهم بهذه الحالة - على فرض إتيان ما طلبوا من الآيات - لا يؤمنون قطعاً ، فلو جاءتهم كل آية ، لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم . ولهذا قال الله عنهم : { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } أي : كناقة صالح ، وعصا موسى ، ونحو ذلك ، قال الله : { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ } أي : بهذه الآيات المقترحة ، وإنما سنته تقتضي أن من طلبها ، ثم حصلت له ، فلم يؤمن أن يعاجله بالعقوبة . فالأولون ما آمنوا بها ، أفيؤمن هؤلاء بها ؟ ما الذي فضلهم على أولئك ، وما الخير الذي فيهم ، يقتضي الإيمان عند وجودها ؟ وهذا الاستفهام بمعنى النفي ، أي : لا يكون ذلك منهم أبداً .