Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 87-88)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : واذكر عبدنا ورسولنا ذا النون ، وهو : يونس ، أي : صاحب النون ، وهي الحوت ، بالذكر الجميل ، والثناء الحسن ، فإن الله تعالى أرسله إلى قومه ، فدعاهم ، فلم يؤمنوا ، فوعدهم بنزول العذاب بأمد سماه لهم . [ فجاءهم العذاب ] ، ورأوه عياناً ، فعجُّوا إلى الله ، وضجوا وتابوا ، فرفع الله عنهم العذاب كما قال تعالى : { فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } [ يونس : 98 ] . وقال : { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } [ الصافات : 147 - 148 ] . وهذه الأمة العظيمة ، الذين آمنوا بدعوة يونس ، من أكبر فضائله ، ولكنه عليه الصلاة والسلام ذهب مغاضباً ، وأبق عن ربه لذنب من الذنوب التي لم يذكرها الله لنا في كتابه ، ولا حاجة لنا إلى تعيينها [ لقوله : { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ … وَهُوَ مُلِيمٌ } [ الصافات : 140 - 142 ] أي : فاعلٌ ما يلام عليه ] والظاهر أن عجلته ومغاضبته لقومه وخروجه من بين أظهرهم قبل أن يأمره الله بذلك ، وظن أن الله لا يقدر عليه ، أي : يضيق عليه في بطن الحوت ، أو ظن أنه سيفوت الله تعالى ، ولا مانع من عروض هذا الظن للكمل من الخلق على وجه لا يستقر ولا يستمر عليه ، فركب في السفينة مع أناس ، فاقترعوا ، مَنْ يلقون منهم في البحر ؟ لما خافوا الغرق إن بقوا كلهم ، فأصابت القرعة يونس ، فالتقمه الحوت ، وذهب به إلى ظلمات البحار ، فنادى في تلك الظلمات : { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } فأقر لله تعالى بكمال الألوهية ، ونزهه عن كل نقص وعيب وآفة ، واعترف بظلم نفسه وجنايته . قال الله تعالى : { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ الصافات : 143 - 144 ] ولهذا قال هنا : { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ } أي : الشدة التي وقع فيها . { وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } وهذا وعد وبشارة لكل مؤمن وقع في شدة وغم ، أن الله تعالى سينجيه منها ، ويكشف عنه ويخفف ، لإيمانه كما فعل بـ " يونس " عليه السلام .