Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 89-90)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : واذكر عبدنا ورسولنا زكريا ، منوهاً بذكره ، ناشراً لمناقبه وفضائله ، التي من جملتها ، هذه المنقبة العظيمة المتضمنة لنصحه للخلق ، ورحمة الله إياه ، وأنه { نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً } أي : { قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً * وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } [ مريم : 4 - 6 ] . من هذه الآيات علمنا أن قوله { رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً } أنه لما تقارب أجله ، خاف أن لا يقومَ أحد بعده مقامه في الدعوة إلى الله ، والنصح لعباد الله ، وأن يكون في وقته فرداً ، ولا يخلِّف من يشفعه ويعينه ، على ما قام به ، { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ } أي : خير الباقين ، وخير من خلفني بخير ، وأنت أرحم بعبادك مني ، ولكني أريد ما يطمئن به قلبي ، وتسكن له نفسي ، ويجري في موازيني ثوابه . { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ } النبي الكريم ، الذي لم يجعل الله له من قبل سمياً . { وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } بعدما كانت عاقراً ، لا يصلح رحمها للولادة ، فأصلح الله رحمها للحمل لأجل نبيه زكريا ، وهذا من فوائد الجليس والقرين الصالح ، أنه مبارك على قرينه ، فصار يحيى مشتركاً بين الوالدين . ولما ذكر هؤلاء الأنبياء والمرسلين ، كُلاً على انفراده ، أثنى عليهم عموماً فقال : { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } أي : يبادرون إليها ويفعلونها في أوقاتها الفاضلة ، ويكملونها على الوجه اللائق الذي ينبغي ، ولا يتركون فضيلة يقدرون عليها إلا انتهزوا الفرصة فيها ، { وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً } أي : يسألوننا الأمور المرغوب فيها ، من مصالح الدنيا والآخرة ، ويتعوذون بنا من الأمور المرهوب منها ، من مضار الدارين ، وهم راغبون راهبون لا غافلون ، لاهون ولا مدلون ، { وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ } أي : خاضعين متذللين متضرعين ، وهذا لكمال معرفتهم بربهم .