Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 73-74)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا مثل ضربه الله لقبح عبادة الأوثان ، وبيان نقصان عقول من عبدها ، وضعف الجميع ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } هذا خطاب للمؤمنين والكفار ، المؤمنون يزدادون علماً وبصيرة ، والكافرون تقوم عليهم الحجة ، { ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ } أي : ألقوا إليه أسماعكم ، وتفهموا ما احتوى عليه ، ولا يصادف منكم قلوباً لاهية ، وأسماعاً معرضة ، بل ألقوا إليه القلوب والأسماع ، وهو هذا : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } شمل كل ما يُدْعَى من دون الله ، { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } الذي هو من أحقر المخلوقات وأخسها ، فليس في قدرتهم خلق هذا المخلوق الضعيف ، فما فوقه من باب أولى ، { وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ } بل أبلغ من ذلك لو { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ } وهذا غاية ما يصير من العجز . { ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ } الذي هو المعبود من دون الله { وَٱلْمَطْلُوبُ } الذي هو الذباب ، فكل منهما ضعيف ، وأضعف منهما ، من يتعلق بهذا الضعيف ، وينزله منزلة رب العالمين . فهذا ما قدر { ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } حيث سوى الفقير العاجز من جميع الوجوه ، بالغني القوي من جميع الوجوه ، سوّى من لا يملك لنفسه ، ولا لغيره نفعاً ولا ضراً ، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً ، بمن هو النافع الضار ، المعطي المانع ، مالك الملك ، والمتصرف فيه بجميع أنواع التصريف . { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } أي : كامل القوة ، كامل العزة ، من كمال قوته وعزته ، أن نواصي الخلق بيديه ، وأنه لا يتحرك متحرك ، ولا يسكن ساكن ، إلا بإرادته ومشيئته ، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، ومن كمال قوته ، أنه يمسك السماوات والأرض أن تزولا ومن كمال قوته ، أنه يبعث الخلق كلهم ، أولهم وآخرهم ، بصيحة واحدة ، ومن كمال قوته ، أنه أهلك الجبابرة والأمم العاتية ، بشيء يسير ، وسوط من عذابه .