Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 77-78)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يأمر تعالى ، عباده المؤمنين بالصلاة ، وخص منها الركوع والسجود ، لفضلهما وركنيتهما ، وعبادته التي هي قرة العيون ، وسلوة القلب المحزون ، وأن ربوبيته وإحسانه على العباد ، يقتضي منهم أن يخلصوا له العبادة ، ويأمرهم بفعل الخير عموماً . وعلق تعالى الفلاح على هذه الأمور فقال : { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي : تفوزون بالمطلوب المرغوب ، وتنجون من المكروه المرهوب ، فلا طريق للفلاح سوى الإخلاص في عبادة الخالق ، والسعي في نفع عبيده ، فمن وفق لذلك ، فله القدح المُعَلَّى ، من السعادة والنجاح والفلاح . { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } والجهاد بذل الوسع في حصول الغرض المطلوب ، فالجهاد في الله حق جهاده ، هو القيام التام بأمر الله ، ودعوة الخلق إلى سبيله بكل طريق موصل إلى ذلك ، من نصيحة وتعليم وقتال وأدب وزجر ووعظ ، وغير ذلك . { هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ } أي : اختاركم - يا معشر المسلمين - من بين الناس ، واختار لكم الدين ، ورضيه لكم ، واختار لكم أفضل الكتب وأفضل الرسل ، فقابلوا هذه المنحة العظيمة ، بالقيام بالجهاد فيه حق القيام ، ولما كان قوله : { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } ربما توهم متوهم أن هذا من باب تكليف ما لا يطاق ، أو تكليف ما يشق ، احترز منه بقوله : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } أي : مشقة وعسر ، بل يسره غاية التيسير ، وسهله بغاية السهولة ، فأولا ما أمر وألزم إلا بما هو سهل على النفوس ، لا يثقلها ولا يؤودها ، ثم إذا عرض بعض الأسباب الموجبة للتخفيف ، خفف ما أمر به ، إما بإسقاطه ، أو إسقاط بعضه . ويؤخذ من هذه الآية ، قاعدة شرعية وهي أن " المشقة تجلب التيسير " و " الضرورات تبيح المحظورات " فيدخل في ذلك من الأحكام الفرعية ، شيء كثير معروف في كتب الأحكام . { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } أي : هذه الملة المذكورة ، والأوامر المزبورة ، ملة أبيكم إبراهيم ، التي ما زال عليها ، فالزموها واستمسكوا بها . { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } أي : في الكتب السابقة ، مذكورون ومشهورون ، { وَفِي هَـٰذَا } أي : هذا الكتاب ، وهذا الشرع . أي : ما زال هذا الاسم لكم قديماً وحديثاً ، { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ } بأعمالكم خيرها وشرها { وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } لكونكم خير أمة أخرجت للناس ، أمة وسطاً عدلاً خياراً ، تشهدون للرسل أنهم بلغوا أممهم ، وتشهدون على الأمم أن رسلهم بلغتهم بما أخبركم الله به في كتابه ، { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } بأركانها وشروطها وحدودها ، وجميع لوازمها ، { وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ } المفروضة لمستحقيها شكراً لله على ما أولاكم ، { وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ } أي : امتنعوا به وتوكلوا عليه في ذلك ، ولا تتكلوا على حولكم وقوتكم ، { هُوَ مَوْلاَكُمْ } الذي يتولى أموركم ، فيدبركم بحسن تدبيره ، ويصرفكم على أحسن تقديره ، { فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } أي : نعم المولى لمن تولاه ، فحصل له مطلوبه { وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } لمن استنصره فدفع عنه المكروه .