Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 141-159)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } إلى آخر القصة { كَذَّبَتْ ثَمُودُ } القبيلة المعروفة في مدائن الحجر { ٱلْمُرْسَلِينَ } كذبوا صالحاً عليه السلام ، الذي جاء بالتوحيد ، الذي دعت إليه المرسلون ، فكان تكذيبهم له تكذيباً للجميع . { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ } في النسب ، برفق ولين : { أَلا تَتَّقُونَ } الله تعالى ، وتدعون الشرك والمعاصي { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ } من الله ربكم ، أرسلني إليكم ، لطفاً بكم ورحمة ، فتلقوا رحمته بالقبول ، وقابلوها بالإذعان ، { أَمِينٌ } تعرفون ذلك مني ، وذلك يوجب عليكم أن تؤمنوا بي وبما جئت به . { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } فتقولون : يمنعنا من اتباعك ، أنك تريد أخذ أموالنا ، { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي : لا أطلب الثواب إلا منه . { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } أي نضيد كثير . أي : أتحسبون أنكم تتركون في هذه الخيرات والنعم سُدًى ، تتنعمون وتتمتعون كما تتمتع الأنعام وتتركون سُدى ، لا تؤمرون ، ولا تنهون ، وتستعينون بهذه النعم على معاصي الله ، { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } أي بلغت بكم الفراهة والحذق إلى أن اتخذتم بيوتاً من الجبال الصم الصلاب . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } الذين تجاوزوا الحد ، { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } أي الذين وصفهم ودأبهم الإفساد في الأرض ، بعمل المعاصي والدعوة إليها ، إفساداً لا إصلاح فيه ، وهذا أضر ما يكون ، لأنه شر محض ، وكأن أناساً عندهم مستعدون لمعارضة نبيهم ، موضعون في الدعوة لسبيل الغي ، فنهاهم صالح عن الاغترار بهم ، ولعلهم الذين قال الله فيهم : { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } [ النمل : 48 ] فلم يفد فيهم هذا النهي والوعظ شيئاً ، فقالوا لصالح { إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } أي قد سحرت فأنت تهذي بما لا معنى له . { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } فأي : فضيلة فقتنا بها ، حتى تدعونا إلى اتباعك ؟ { فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } هذا ، مع أن مجرد اعتبار حالته وحالة ما دعا إليه ، من أكبر الآيات البينات على صحة ما جاء به وصدقه ، ولكنهم من قسوتهم ، سألوا آيات الاقتراح ، التي في الغالب لا يفلح من طلبها ، لكون طلبه مبنياً على التعنت لا على الاسترشاد . فقال صالح { هَـٰذِهِ نَاقَةٌ } تخرج من صخرة صماء ملساء ترونها وتشاهدونها بأجمعكم ، { لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } أي تشرب ماء البئر يوماً ، وأنتم تشربون لبنها ، ثم تصدر عنكم اليوم الآخر ، وتشربون أنتم ماء البئر . { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } بعقر أو غيره { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } فخرجت واستمرت عندهم بتلك الحال ، فلم يؤمنوا ، واستمروا على طغيانهم { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ } وهي صيحة نزلت عليهم ، فدمرتهم أجمعين ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } على صدق ما جاءت به رسلنا ، وبطلان قول معارضيهم ، { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } .