Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 71-73)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا امتنان من اللّه على عباده ، يدعوهم به إلى شكره ، والقيام بعبوديته وحقه ، أنه جعل لهم من رحمته النهار ليبتغوا من فضل اللّه ، وينتشروا لطلب أرزاقهم ومعايشهم في ضيائه ، والليل ليهدؤوا فيه ويسكنوا ، وتستريح أبدانهم وأنفسهم من تعب التصرف في النهار ، فهذا من فضله ورحمته بعباده . فهل أحد يقدر على شيء من ذلك ؟ فلو جعل { عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } مواعظ اللّه وآياته سماع فهم وقبول وانقياد ، ولو جعل { عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ } مواقع العبر ، ومواضع الآيات ، فتستنير بصائركم ، وتسلكون الطريق المستقيم . وقال في الليل { أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } وفي النهار { أَفلاَ تُبْصِرُونَ } لأن سلطان السمع أبلغ في الليل من سلطان البصر ، وعكسه النهار . وفي هذه الآيات ، تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نِعَم اللّه عليه ، ويتبصر فيها ، ويقيسها بحال عدمها ، فإنه إذا وازن بين حالة وجودها ، وبين حالة عدمها ، تنبه عقله لموضع المنة ، بخلاف مَنْ جرى مع العوائد ، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمراً ، ولا يزال . وعميَ قلبُه عن الثناء على اللّه ، بنعمه ، ورؤية افتقاره إليها في كل وقت ، فإن هذا لا يحدث له فكرة شكراً ولا ذكراً .