Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 186-186)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى ويخاطب المؤمنين أنهم سيبتلون في أموالهم من النفقات الواجبة والمستحبة ، ومن التعريض لإتلافها في سبيل الله ، وفي أنفسهم من التكليف بأعباء التكاليف الثقيلة على كثير من الناس ، كالجهاد في سبيل الله ، والتعرض فيه للتعب والقتل والأسر والجراح ، وكالأمراض التي تصيبه في نفسه ، أو فيمن يحب . { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً } من الطعن فيكم ، وفي دينكم وكتابكم ورسولكم . وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك ، عدة فوائد : منها : أن حكمته تعالى تقتضي ذلك ، ليتميز المؤمن الصادق من غيره . ومنها : أنه تعالى يقدر عليهم هذه الأمور ، لما يريده بهم من الخير ليعلي درجاتهم ، ويكفر من سيئاتهم ، وليزداد بذلك إيمانهم ، ويتم به إيقانهم ، فإنه إذا أخبرهم بذلك ووقع كما أخبر { قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } [ الأحزاب : 22 ] . ومنها : أنه أخبرهم بذلك لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك ، والصبر عليه إذا وقع لأنهم قد استعدوا لوقوعه ، فيهون عليهم حمله ، وتخف عليهم مؤنته ، ويلجأون إلى الصبر والتقوى ، ولهذا قال : { وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ } أي : إن تصبروا على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم ، من الابتلاء والامتحان وعلى أذية الظالمين ، وتتقوا الله في ذلك الصبر بأن تنووا به وجه الله والتقرب إليه ، ولم تتعدوا في صبركم الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال ، بل وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله . { فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } أي : من الأمور التي يعزم عليها ، وينافس فيها ، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية كما قال تعالى : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } [ فصلت : 35 ] .