Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 38-41)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : دعا زكريا عليه السلام ربه أن يرزقه ذرية طيبة ، أي : طاهرة الأخلاق ، طيبة الآداب ، لتكمل النعمة الدينية والدنيوية بهم ، فاستجاب له دعاءه ، وبينما هو قائم في محرابه يتعبد لربه ويتضرع نادته الملائكة { أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } أي : بعيسى عليه السلام ، لأنه كان بكلمة الله { وَسَيِّداً } أي : يحصل له من الصفات الجميلة ما يكون به سيداً يرجع إليه في الأمور { وَحَصُوراً } أي : ممنوعاً من إتيان النساء ، فليس في قلبه لهنّ شهوة ، اشتغالاً بخدمة ربه وطاعته { وَنَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } فأي : بشارة أعظم من هذا الولد الذي حصلت البشارة بوجوده ، وبكمال صفاته ، وبكونه نبياً من الصالحين ، فقال زكريا من شدة فرحه { رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ } وكل واحد من الأمرين مانع من وجود الولد ، فكيف وقد اجتمعا ، فأخبره الله تعالى أن هذا خارق للعادة ، فقال : { كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } فكما أنه تعالى قدر وجود الأولاد بالأسباب التي منها التناسل ، فإذا أراد أن يوجدهم من غير ما سبب فعل ، لأنه لا يستعصي عليه شيء ، فقال زكريا عليه السلام استعجالاً لهذا الأمر ، وليحصل له كمال الطمأنينة { رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً } أي : علامة على وجود الولد قال { آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً } أي : ينحبس لسانك عن كلامهم من غير آفة ولا سوء ، فلا تقدر إلا على الإشارة والرمز ، وهذا آية عظيمة أن لا تقدر على الكلام ، وفيه مناسبة عجيبة ، وهي أنه كما يمنع نفوذ الأسباب مع وجودها ، فإنه يوجدها بدون أسبابها ليدل ذلك أن الأسباب كلها مندرجة في قضائه وقدره ، فامتنع من الكلام ثلاثة أيام ، وأمره الله أن يشكره ويكثر من ذكره بالعشي والإبكار ، حتى إذا خرج على قومه من المحراب { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً } [ مريم : 11 ] أي : أول النهار وآخره .