Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 28-29)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا مثل ضربه اللّه تعالى ، لقبح الشرك وتهجينه ، مثلاً من أنفسكم ، لا يحتاج إلى حل وترحال ، وإعمال الجمال . { هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : هل أحد من عبيدكم وإمائكم الأرقاء يشارككم في رزقكم ، وترون أنكم وهم فيه على حد سواء . { تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي : كالأحرار الشركاء في الحقيقة ، الذين يخاف من قسمه ، واختصاص كل شيء بحاله ؟ ليس الأمر كذلك ، فإنه ليس أحد مما ملكت أيمانكم شريكاً لكم فيما رزقكم اللّه تعالى . هذا ، ولستم الذين خلقتموهم ورزقتموهم ، وهم أيضاً مماليك مثلكم ، فكيف ترضون أن تجعلوا للّه شريكاً من خلقه ، وتجعلونه بمنزلته ، وعديلاً له في العبادة ، وأنتم لا ترضون مساواة مماليككم لكم ؟ هذا من أعجب الأشياء ، ومن أدل شيء على [ سفه ] من اتخذ شريكاً مع اللّه ، وأن ما اتخذه باطل مضمحل ، ليس مساوياً للّه ، ولا له من العبادة شيء . { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } بتوضيحها بأمثلتها { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } الحقائق ويعرفون ، وأما مَنْ لا يعقل ، فلو فُصِّلَت له الآيات ، وبيّنت له البينات ، لم يكن له عقل يبصر به ما تبين ، ولا لُبٌّ يعقل به ما توضح ، فأهل العقول والألباب ، هم الذين يساق إليهم الكلام ، ويوجه الخطاب . وإذا علم من هذا المثال ، أن مَنْ اتخذ من دون اللّه شريكاً يعبده ويتوكل عليه في أموره ، فإنه ليس معه من الحق شيء ، فما الذي أوجب له الإقدام على أمر باطل ، توضح له بطلانه وظهر برهانه ؟ [ لقد ] أوجب لهم ذلك اتباع الهوى ، فلهذا قال : { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } هويت أنفسهم الناقصة ، التي ظهر من نقصانها ما تعلق به هواها ، أمراً يجزم العقل بفساده ، والفطر برده ، بغير علم دلهم عليه ، ولا برهان قادهم إليه . { فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } أي : لا تعجبوا من عدم هدايتهم ، فإن اللّه تعالى أضلهم بظلمهم ، ولا طريق لهداية مَنْ أضل اللّه ، لأنه ليس أحد معارضاً للّه ، أو منازعاً له في ملكه . { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } ينصرونهم حين تحق عليهم كلمة العذاب ، وتنقطع بهم الوصل والأسباب .