Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 55-57)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن يوم القيامة ، وسرعة مجيئه ، وأنه إذا قامت الساعة { يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } باللّه أنهم { مَا لَبِثُواْ } في الدنيا إلا { سَاعَةٍ } وذلك اعتذار منهم لعله ينفعهم العذر ، واستقصار لمدة الدنيا . ولما كان قولهم كذباً لا حقيقة له ، قال تعالى : { كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } أي : ما زالوا - وهم في الدنيا - يؤفكون عن الحقائق ، ويأتفكون الكذب ، ففي الدنيا كذَّبوا الحق الذي جاءتهم به المرسلون ، وفي الآخرة ، أنكروا الأمر المحسوس ، وهو اللبث الطويل في الدنيا ، فهذا خلقهم القبيح ، والعبد يبعث على ما مات عليه . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ } أي : مَنَّ اللّه عليهم بهما ، وصارا وصفاً لهم ، العلم بالحق ، والإيمان المستلزم إيثار الحق ، وإذا كانوا عالمين بالحق ، مؤثرين له ، لزم أن يكون قولهم مطابقاً للواقع ، مناسباً لأحوالهم . فلهذا قالوا الحق : { لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } أي : في قضائه وقدره ، الذي كتبه اللّه عليكم ، وفي حكمه { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ } أي : عمرتم عُمْراً يتذكر فيه المتذكر ، ويتدبر فيه المتدبر ، ويعتبر فيه المعتبر ، حتى صار البعث ووصلتم إلى هذه الحال . { فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } فلذلك أنكرتموه في الدنيا ، وأنكرتم إقامتكم في الدنيا وقتاً تتمكنون فيه من الإنابة والتوبة ، فلم يزل الجهل شعاركم ، وآثاره من التكذيب والخسار دثاركم . { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ } فإن كذبوا وزعموا أنهم ما قامت عليهم الحجة ، أو ما تمكنوا من الإيمان ، ظهر كذبهم ، بشهادة أهل العلم والإيمان ، وشهادة جلودهم وأيديهم وأرجلهم ، وإن طلبوا الإعذار وأنهم يردون ولا يعودون لما نُهوا عنه ، لم يُمَكَّنُوا ، فإنه فات وقت الإعذار ، فلا تقبل معذرتهم ، { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } أي : يزال عتبهم والعتاب عنهم .