Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 6-9)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن } هو محروم مخذول { يَشْتَرِي } أي : يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء . { لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } أي : الأحاديث الملهية للقلوب ، الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب . فدخل في هذا ، كل كلام محرم ، وكل لغو وباطل ، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والفسوق والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق ، المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ، ونميمة ، وكذب ، وشتم ، وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية ، التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا . فهذا الصنف من الناس ، يشتري لهو الحديث عن هدي الحديث { لِيُضِلَّ } الناس { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي : بعدما ضل بفعله ، أضل غيره ، لأن الإضلال ، ناشئ عن الضلال . وإضلاله في هذا الحديث ، صده عن الحديث النافع ، والعمل النافع ، والحق المبين ، والصراط المستقيم . ولا يتم له هذا ، حتى يقدح في الهدى والحق ، ويتخذ آيات اللّه هزواً ويسخر بها ، وبمن جاء بها ، فإذا جمع بين مدح الباطل والترغيب فيه ، والقدح في الحق والاستهزاء به وبأهله ، أضل من لا علم عنده ، وخدعه بما يوحيه إليه من القول الذي لا يميزه ذلك الضال ولا يعرف حقيقته . { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } بما ضلوا وأضلوا ، واستهزؤوا [ بآيات اللّه ] وكذّبوا الحق الواضح . ولهذا قال { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا } ليؤمن بها وينقاد لها ، { وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً } أي : أدبر إدبار مستكبر عنها ، رادٍّ لها ، ولم تدخل قلبه ولا أثرت فيه ، بل أدبر عنها { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } بل { كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً } أي : صمماً لا تصل إليه الأصوات ، فهذا لا حيلة في هدايته . { فَبَشِّرْهُ } بشارة تؤثر في قلبه الحزن والغم ، وفي بشرته السوء والظلمة والغبرة . { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } مؤلم لقلبه ولبدنه ، لا يقادر قدره ، ولا يدرى بعظيم أمره ، وهذه بشارة أهل الشر ، فلا نِعْمَتِ البشارة . وأما بشارة أهل الخير فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } جمعوا بين عبادة الباطن بالإيمان ، والظاهر بالإسلام ، والعمل الصالح . { لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ } بشارة لهم بما قدموه ، وقرئ لهم بما أسلفوه . { خَالِدِينَ فِيهَا } أي : في جنات النعيم ، نعيم القلب والروح ، والبدن . { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً } لا يمكن أن يخلف ولا يغير ولا يتبدل . { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } كامل العزة ، كامل الحكمة ، من عزته وحكمته ، وفِّق مَنْ وفِّق ، وخذل مَنْ خذل ، بحسب ما اقتضاه علمه فيهم وحكمته .