Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 49-49)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى المؤمنين ، أنهم إذا نكحوا المؤمنات ، ثم طلقوهن من قبل أن يمسوهن ، فليس عليهن في ذلك عدة يعتدها أزواجهن عليهن ، وأمرهم بتمتيعهن بهذه الحالة ، بشيء من متاع الدنيا ، الذي يكون فيه جبر لخواطرهن ، لأجل فراقهن ، وأن يفارقوهن فراقًاً جميلاً من غير مخاصمة ولا مشاتمة ولا مطالبة ، ولا غير ذلك . ويستدل بهذه الآية ، على أن الطلاق لا يكون إلاّ بعد النكاح . فلو طلقها قبل أن ينكحها ، أو علق طلاقها على نكاحها ، لم يقع ، لقوله : { إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } فجعل الطلاق بعد النكاح ، فدلّ على أنه قبل ذلك ، لا محل له . وإذا كان الطلاق الذي هو فرقة تامة وتحريم تام ، لا يقع قبل النكاح ، فالتحريم الناقص ، لظهار أو إيلاء ونحوه ، من باب أولى وأحرى ، أن لا يقع قبل النكاح ، كما هو أصح قَوْلي العلماء . ويدل على جواز الطلاق ، لأن اللّه أخبر به عن المؤمنين ، على وجه لم يلمهم عليه ، ولم يؤنبهم ، مع تصدير الآية بخطاب المؤمنين . وعلى جوازه قبل المسيس ، كما قال في الآية الأخرى : { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } [ البقرة : 236 ] وعلى أن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها ، بل بمجرد طلاقها يجوز لها التزوج ، حيث لا مانع ، وعلى أن عليها العدة بعد الدخول . وهل المراد بالدخول والمسيس الوطء ، كما هو مُجمَع عليه ؟ أو وكذلك الخلوة ، ولو لم يحصل معها وطء ، كما أفتى بذلك الخلفاء الراشدون ، وهو الصحيح . فمن دخل عليها ، وطئها أم لا ، إذا خلا بها ، وجب عليها العدة . وعلى أن المطلقة قبل المسيس تمتع على الموسع قدره ، وعلى المقتر قدره ، ولكن هذا ، إذا لم يفرض لها مهر ، فإن كان لها مهر مفروض ، فإنه إذا طلق قبل الدخول تَنَصَّف المهر ، وكفى عن المتعة ، وعلى أنه ينبغي لمن فارق زوجته قبل الدخول أو بعده ، أن يكون الفراق جميلاً ، يحمد فيه كل منهما الآخر . ولا يكون غير جميل ، فإن في ذلك من الشر المرتب عليه ، من قدح كل منهما بالآخر ، شيء كثير . وعلى أن العدة حق للزوج ، لقوله : { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ } دل مفهومه ، أنه لو طلقها بعد المسيس ، كان له عليها عدة [ وعلى أن المفارقة بالوفاة ، تعتد مطلقاً ، لقوله : { ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } الآية ] . وعلى أن من عدا غير المدخول بها ، من المفارقات من الزوجات ، بموت أو حياة ، عليهن العدة .