Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 43-45)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن حالة المشركين ، عندما تتلى عليهم آيات اللّه البينات ، وحججه الظاهرات ، وبراهينه القاطعات ، الدالة على كل خير ، الناهية عن كل شر ، التي هي أعظم نعمة جاءتهم ، ومِنَّةٍ وصلت إليهم ، الموجبة لمقابلتها بالإيمان والتصديق ، والانقياد والتسليم ، أنهم يقابلونها بضد ما ينبغي ، ويكذبون مَنْ جاءهم بها ويقولون : { مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ } أي : هذا قصده حين يأمركم بالإخلاص للّه ، لتتركوا عوائد آبائكم الذين تعظمون وتمشون خلفهم ، فردوا الحق بقول الضالين ، ولم يوردوا برهاناً ولا شبهة . فأي شبهة إذا أمرت الرسل بعض الضالين باتباع الحق ، فادَّعوا أن إخوانهم الذين على طريقتهم لم يزالوا عليه ؟ وهذه السفاهة ، ورد الحق ، بأقوال الضالين ، إذا تأملت كل حق رد ، فإذا هذا مآله ، لا يرد إلا بأقوال الضالين من المشركين ، والدهريين ، والفلاسفة ، والصابئين ، والملحدين في دين اللّه المارقين ، فهم أسوة كل مَن رد الحق إلى يوم القيامة . ولما احتجوا بفعل آبائهم ، وجعلوها دافعة لما جاءت به الرسل ، طعنوا بعد هذا بالحق ، { وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى } أي : كذب افتراه هذا الرجل الذي جاء به . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } أي : سحر ظاهر بيِّن لكل أحد ، تكذيباً بالحق ، وترويجاً على السفهاء . ولمّا بيَّن ما ردوا به الحق ، وأنها أقوال دون مرتبة الشبهة ، فضلاً أن تكون حجة ، ذكر أنهم وإن أراد أحد أن يحتج لهم ، فإنهم لا مستند لهم ، ولا لهم شيء يعتمدون عليه أصلاً ، فقال : { وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا } حتى تكون عمدة لهم { وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ } حتى يكون عندهم من أقواله وأحواله ما يدفعون به ما جئتهم به ، فليس عندهم علم ، ولا أثارة من علم . ثم خوفهم ما فعل بالأمم المكذبين [ قبلهم ] فقال : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ } أي : ما بلغ هؤلاء المخاطبون { مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنَاهُمْ } { فَكَذَّبُواْ } أي : الأمم الذين من قبلهم { رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي : إنكاري عليهم ، وعقوبتي إياهم . قد أعلمنا ما فعل بهم من النكال ، وأن منهم من أغرقه ، ومنهم مَنْ أهلكه بالريح العقيم ، وبالصيحة ، وبالرجفة ، وبالخسف بالأرض ، وبإرسال الحاصب من السماء ، فاحذروا يا هؤلاء المكذبون ، أن تدوموا على التكذيب ، فيأخذكم كما أخذ من قبلكم ، ويصيبكم ما أصابهم .