Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 51-54)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى { وَلَوْ تَرَىٰ } أيها الرسول ، ومَنْ قام مقامك ، حال هؤلاء المكذبين ، { إِذْ فَزِعُواْ } حين رأوا العذاب ، وما أخبرتهم به الرسل وما كذبوا به ، لرأيت أمراً هائلاً ، ومنظراً مفظعاً ، وحالة منكرة ، وشدة شديدة ، وذلك حين يحق عليهم العذاب . فليس لهم عنه مهرب ولا فوت ، { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } أي : ليس بعيداً عن محل العذاب ، بل يؤخذون ، ثم يقذفون في النار . { وَقَالُوۤاْ } في تلك الحال : { آمَنَّا } بالله وصدقنا ما به كذبنا { وَ } لكن { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ } أي : تناول الإيمان { مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } قد حيل بينهم وبينه ، وصار من الأمور المحالة في هذه الحالة ، فلو أنهم آمنوا وقت الإمكان ، لكان إيمانهم مقبولاً ولكنهم { وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ وَيَقْذِفُونَ } أي : يرمون { بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } بقذفهم الباطل ، ليدحضوا به الحق ، ولكن لا سبيل إلى ذلك ، كما لا سبيل للرامي من مكان بعيد إلى إصابة الغرض ، فكذلك الباطل ، من المحال أن يغلب الحق أو يدفعه ، وإنما يكون له صولة ، وقت غفلة الحق عنه ، فإذا برز الحق ، وقاوم الباطل قمعه . { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } من الشهوات واللذات ، والأولاد ، والأموال ، والخدم ، والجنود ، قد انفردوا بأعمالهم ، وجاؤوا فرادى كما خُلِقوا ، وتركوا ما خولوا وراء ظهورهم ، { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم } من الأمم السابقين حين جاءهم الهلاك ، حيل بينهم وبين ما يشتهون ، { إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ } أي : محدث الريبة وقلق القلب ، فلذلك لم يؤمنوا ، ولم يعتبوا حين استعتبوا .