Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 19-24)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه لا يتساوى الأضداد في حكمة اللّه ، وفيما أودعه في فطر عباده . { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ } فاقد البصر { وَٱلْبَصِيرُ * وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ * وَلاَ ٱلظِّلُّ وَلاَ ٱلْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ } فكما أنه من المتقرر عندكم ، الذي لا يقبل الشك ، أن هذه المذكورات لا تتساوى ، فكذلك فلتعلموا أن عدم تساوي المتضادات المعنوية أولى وأولى . فلا يستوي المؤمن والكافر ، ولا المهتدي والضال ، ولا العالم والجاهل ، ولا أصحاب الجنة وأصحاب النار ، ولا أحياء القلوب وأمواتها ، فبين هذه الأشياء من التفاوت والفرق ما لا يعلمه إلا اللّه تعالى ، فإذا علمت المراتب ، وميزت الأشياء ، وبان الذي ينبغي أن يتنافس في تحصيله من ضده ، فليختر الحازم لنفسه ما هو أولى به وأحقها بالإيثار . { إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ } سماع فهْم وقبول ، لأنه تعالى هو الهادي الموفق { وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ } أي : أموات القلوب ، أو كما أن دعاءك لا يفيد سكان القبور شيئاً ، كذلك لا يفيد المعرض المعاند شيئاً ، ولكن وظيفتك النذارة ، وإبلاغ ما أرسلت به ، قبل منك أم لا . ولهذا قال : { إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ * إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ } أي : مجرد إرسالنا إياك بالحق ، لأنَّ اللّه تعالى بعثك على حين فترة من الرسل ، وطموس من السبل واندراس من العلم ، وضرورة عظيمة إلى بعثك ، فبعثك اللّه رحمة للعالمين . وكذلك ما بعثناك به من الدين القويم ، والصراط المستقيم ، حق لا باطل ، وكذلك ما أرسلناك به من هذا القرآن العظيم ، وما اشتمل عليه من الذكر الحكيم ، حق وصدق . { بَشِيراً } لمن أطاعك ، بثواب اللّه العاجل والآجل ، { وَنَذِيراً } لمن عصاك ، بعقاب اللّه العاجل والآجل ، ولست ببدع من الرسل . فما { مِّنْ أُمَّةٍ } من الأمم الماضية والقرون الخالية { إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } يقيم عليهم حجة اللّه { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } [ الأنفال : 42 ] .