Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 27-39)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما جمعوا هم وأزواجهم وآلهتهم ، وهدوا إلى صراط الجحيم ، ووقفوا ، فسئلوا ، فلم يجيبوا ، وأقبلوا فيما بينهم ، يلوم بعضهم بعضاً على إضلالهم وضلالهم . فقال الأتباع للمتبوعين الرؤساء : { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } أي : بالقوة والغلبة ، فتضلونا ، ولولا أنتم لكنا مؤمنين . { قَالُواْ } لهم { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } أي : ما زلتم مشركين ، كما نحن مشركون ، فأي : شيء فضلكم علينا ؟ وأي : شيء يوجب لومنا ؟ { وَ } الحال أنه { مَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } أي : قهر لكم على اختيار الكفر { بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } متجاوزين للحد . { فَحَقَّ عَلَيْنَا } نحن وإياكم { إِنَّا لَذَآئِقُونَ } العذاب ، أي : حق علينا قدر ربنا وقضاؤه ، أنا وإياكم سنذوق العذاب ، ونشترك في العقاب . { فَـ } لذلك { أَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } أي : دعوناكم إلى طريقتنا التي نحن عليها ، وهي الغواية ، فاستجبتم لنا ، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم . قال تعالى : { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ } أي : يوم القيامة { فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } وإن تفاوتت مقادير عذابهم بحسب جرمهم ، كما اشتركوا في الدنيا على الكفر ، اشتركوا في الآخرة بجزائه ، ولهذا قال : { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } . ثم ذكر أن إجرامهم ، قد بلغ الغاية وجاوز النهاية فقال : { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } فدعوا إليها ، وأمروا بترك إلهية ما سواه { يَسْتَكْبِرُونَ } عنها وعلى مَنْ جاء بها . { وَيَقُولُونَ } معارضة لها : { أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا } التي لم نزل نعبدها نحن وآباؤنا { لِـ } قول { شَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } يعنون محمداً صلى اللّه عليه وسلم . فلم يكفهم - قبحهم اللّه - الإعراض عنه ، ولا مجرد تكذيبه ، حتى حكموا عليه بأظلم الأحكام ، وجعلوه شاعراً مجنوناً ، وهم يعلمون أنه لا يعرف الشعر والشعراء ، ولا وصفه وصفهم ، وأنه أعقل خلق اللّه ، وأعظمهم رأياً . ولهذا قال تعالى ، ناقضاً لقولهم : { بَلْ جَآءَ } محمد { بِٱلْحَقِّ } أي : مجيئه حقٌّ ، وما جاء به من الشرع والكتاب حق . { وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ أي : ومجيئه صدق المرسلين ] ، فلولا مجيئه وإرساله لم يكن الرسل صادقين ، فهو آية ومعجزة لكل رسول قبله ، لأنهم أخبروا به وبشروا ، وأخذ اللّه عليهم العهد والميثاق ، لئن جاءهم ليؤمنن به ولينصرنه ، وأخذوا ذلك على أممهم ، فلما جاء ظهر صدق الرسل الذين قبله ، وتبين كذب مَنْ خالفهم ، فلو قدر عدم مجيئه ، وهم قد أخبروا به ، لكان ذلك قادحاً في صدقهم . وصدَّق أيضاً المرسلين ، بأن جاء بما جاؤوا به ، ودعا إلى ما دعوا إليه ، وآمن بهم ، وأخبر بصحة رسالتهم ونبوتهم وشرعهم . ولما كان قولهم السابق : { إِنَّا لَذَآئِقُونَ } قولاً صادراً منهم ، يحتمل أن يكون صدقاً أو غيره ، أخبر تعالى بالقول الفصل الذي لا يحتمل غير الصدق واليقين ، وهو الخبر الصادر منه تعالى ، فقال : { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } أي : المؤلم الموجع ، { وَمَا تُجْزَوْنَ } في إذاقة العذاب الأليم { إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فلم نظلمكم ، وإنما عدلنا فيكم ؟ ولما كان هذا الخطاب لفظه عاماً ، والمراد به المشركون ، استثنى تعالى المؤمنين فقال : { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ … } .