Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 10-10)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : قل منادياً لأشرف الخلق ، وهم المؤمنون ، آمراً لهم بأفضل الأوامر ، وهي التقوى ، ذاكراً لهم السبب الموجب للتقوى ، وهو ربوبية اللّه لهم وإنعامه عليهم ، المقتضي ذلك منهم أن يتقوه ، ومن ذلك ما مَنَّ اللّه عليهم به من الإيمان فإنه موجب للتقوى ، كما تقول : أيها الكريم تصدَّق ، وأيها الشجاع قاتل . وذكر لهم الثواب المنشط في الدنيا فقال : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا } بعبادة ربهم لهم { حَسَنَةٌ } ورزق واسع ، ونفس مطمئنة ، وقلب منشرح ، كما قال تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } [ النحل : 97 ] . { وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ } إذا منعتم من عبادته في أرض ، فهاجروا إلى غيرها ، تعبدون فيها ربكم ، وتتمكنون من إقامة دينكم . ولما قال : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ } كان لبعض النفوس مجال في هذا الموضع ، وهو أن النص عام ، أنه كل مَنْ أحسن فله في الدنيا حسنة ، فما بال مَنْ آمن في أرض يضطهد فيها ويمتهن ، لا يحصل له ذلك ، دفع هذا الظن بقوله : { وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ } وهنا بشارة نص عليها النبي صلى اللّه عليه وسلم بقوله : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لا يضرهم مَنْ خذلهم ولا مَنْ خالفهم حتى يأتي أمر اللّه وهم على ذلك " تشير إليه هذه الآية ، وترمي إليه من قريب ، وهو أنه تعالى أخبر أن أرضه واسعة ، فمهما ومنعتم من عبادته في موضع فهاجروا إلى غيرها ، وهذا عام في كل زمان ومكان ، فلا بد أن يكون لكل مهاجر ، ملجأ من المسلمين يلجأ إليه ، وموضع يتمكن من إقامة دينه فيه . { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } وهذا عام في جميع أنواع الصبر ، الصبر على أقدار اللّه المؤلمة فلا يتسخطها ، والصبر عن معاصيه فلا يرتكبها ، والصبر على طاعته حتى يؤديها ، فوعد اللّه الصابرين أجرهم بغير حساب ، أي : بغير حدّ ولا عدّ ولا مقدار ، وما ذاك إلاّ لفضيلة الصبر ومحله عند اللّه ، وأنه معين على كل الأمور .