Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 49-52)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن حالة الإنسان وطبيعته ، أنه حين يمسه ضر ، من مرض أو شدة أو كرب . { دَعَانَا } ملحاً في تفريج ما نزل به { ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا } فكشفنا ضره وأزلنا مشقته ، عاد بربه كافراً ، ولمعروفه منكراً . و { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } أي : علم من اللّه ، أني له أهل ، وأني مستحق له ، لأني كريم عليه ، أو على علم مني بطرق تحصيله . قال تعالى : { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ } يبتلي اللّه به عباده ، لينظر مَنْ يشكره ممن يكفره . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } فلذلك يعدون الفتنة منحة ، ويشتبه عليهم الخير المحض ، بما قد يكون سبباً للخير أو للشر . قال تعالى : { قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي : قولهم { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } فما زالت متوارثة عند المكذبين ، لا يقرون بنعمة ربهم ، ولا يرون له حقاً ، فلم يزل دأبهم حتى أهلكوا ، ولم يغن { عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } حين جاءهم العذاب . { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } والسيئات في هذا الموضع : العقوبات ، لأنها تسوء الإنسان وتحزنه . { وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـٰؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } فليسوا خيراً من أولئك ، ولم يكتب لهم براءة في الزبر . ولما ذكر أنهم اغتروا بالمال ، وزعموا - بجهلهم - أنه يدل على حسن حال صاحبه ، أخبرهم تعالى ، أن رزقه ، لا يدل على ذلك ، وأنه { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ } من عباده ، سواء كان صالحاً أو طالحاً { وَيَقْدِرُ } الرزق ، أي : يضيقه على مَنْ يشاء ، صالحاً أو طالحاً ، فرزقه مشترك بين البرية ، والإيمان والعمل الصالح يخص به خير البرية . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي : بسط الرزق وقبضه ، لعلمهم أن مرجع ذلك ، عائد إلى الحكمة والرحمة ، وأنه أعلم بحال عبيده ، فقد يضيق عليهم الرزق لطفاً بهم ، لأنه لو بسطه لبغوا في الأرض ، فيكون تعالى مراعياً في ذلك صلاح دينهم الذي هو مادة سعادتهم وفلاحهم ، واللّه أعلم .