Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 128-128)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : إذا خافت المرأة نشوز زوجها ، أي : ترفعه عنها ، وعدم رغبته فيها وإعراضه عنها ، فالأحسن في هذه الحالة أن يصلحا بينهما صلحاً ، بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها ، على وجه تبقى مع زوجها ، إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة ، أو الكسوة ، أو المسكن ، أو القسم ، بأن تسقط حقها منه ، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها . فإذا اتفقا على هذه الحالة ، فلا جناح ولا بأس عليهما فيها ، لا عليها ولا على الزوج ، فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال ، وهي خير من الفرقة ، ولهذا قال : { وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ } ويؤخذ من عموم هذا اللفظ والمعنى أن الصلح بين مَن بينهما حق أو منازعة في جميع الأشياء ، أنه خير من استقصاء كل منهما على كل حقه ، لما فيها من الإصلاح وبقاء الألفة ، والاتصاف بصفة السماح . وهو جائز في جميع الأشياء ، إلا إذا أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً ، فإنه لا يكون صلحاً ، وإنما يكون جوراً . واعلم أن كل حكم من الأحكام لا يتم ولا يكمل ، إلاّ بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه ، فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح ، فذكر تعالى المقتضي لذلك ، ونبه على أنه خير ، والخير كل عاقل يطلبه ويرغب فيه ، فإن كان - مع ذلك - قد أمر الله به وحثّ عليه ازداد المؤمن طلباً له ورغبة فيه . وذكر المانع بقوله : { وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ } أي : جبلت النفوس على الشح ، وهو : عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان ، والحرص على الحق الذي له ، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعاً ، أي : فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخُلُق الدنيء من نفوسكم ، وتستبدلوا به ضده ، وهو السماحة ، وهو بذل الحق الذي عليك ، والاقتناع ببعض الحق الذي لك . فمتى وفق الإنسان لهذا الخُلُق الحسن ، سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومعامله ، وتسهلت الطريق للوصول إلى المطلوب . بخلاف مَنْ لم يجتهد في إزالة الشح من نفسه ، فإنه يعسر عليه الصلح والموافقة ، لأنه لا يرضيه إلا جميع ماله ، ولا يرضى أن يؤدي ما عليه ، فإن كان خصمه مثله اشتد الأمر . ثم قال : { وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ } أي : تحسنوا في عبادة الخالق ، بأن يعبد العبد ربه كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه ، وتحسنوا إلى المخلوقين بجميع طرق الإحسان ، من نفع بمال ، أو علم ، أو جاه ، أو غير ذلك . { وَتَتَّقُواْ } الله بفعل جميع المأمورات ، وترك جميع المحظور . أو تحسنوا بفعل المأمور ، وتتقوا بترك المحظور { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } قد أحاط به علماً وخبراً ، بظاهره وباطنه ، فيحفظه لكم ، ويجازيكم عليه أتم الجزاء .