Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 136-136)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أن الأمر إما أن يوجه إلى مَنْ لم يدخل في الشيء ولم يتصف بشيء منه ، فهذا يكون أمراً له في الدخول فيه ، وذلك كأمر مَنْ ليس بمؤمن بالإيمان ، كقوله تعالى : { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } الآية [ النساء : 47 ] . وإما أن يوجه إلى مَنْ دخل في الشيء ، فهذا يكون أمره ليصحح ما وجد منه ويحصل ما لم يوجد ، ومنه ما ذكره الله في هذه الآية من أمر المؤمنين بالإيمان ، فإن ذلك يقتضي أمرهم بما يصحح إيمانهم ، من الإخلاص والصدق ، وتجنب المفسدات والتوبة من جميع المنقصات . ويقتضي أيضاً الأمر بما لم يوجد من المؤمن ، من علوم الإيمان وأعماله ، فإنه كلما وصل إليه نص ، وفهم معناه واعتقده ، فإن ذلك من الإيمان المأمور به . وكذلك سائر الأعمال الظاهرة والباطنة ، كلها من الإيمان ، كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة ، وأجمع عليه سلف الأُمة . ثم الاستمرار على ذلك والثبات عليه إلى الممات كما قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ } [ آل عمران : 102 ] وأمر هنا بالإيمان به وبرسوله ، وبالقرآن وبالكتب المتقدمة ، فهذا كله من الإيمان الواجب الذي لا يكون العبد مؤمناً إلا به ، إجمالاً فيما لم يصل إليه تفصيله ، وتفصيلاً فيما علم من ذلك بالتفصيل ، فمن آمن هذا الإيمان المأمور به ، فقد اهتدى وأنجح . { وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } . وأي ضلال أبعد من ضلال مَنْ ترك طريق الهدى المستقيم ، وسلك الطريق الموصلة له إلى العذاب الأليم ؟ ! ! واعلم أن الكفر بشيء من هذه المذكورات كالكفر بجميعها ، لتلازمها وامتناع وجود الإيمان ببعضها دون بعض ، ثم قال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ … } .