Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 150-152)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هنا قسمان قد وضحا لكل أحد : مؤمنٌ بالله وبرسله كلِّهم وكتبه ، وكافرٌ بذلك كله . وبقي قسم ثالث : وهو الذي يزعم أنه يؤمن ببعض الرسل دون بعض ، وأن هذا سبيل ينجيه من عذاب الله ، إنْ هذا إلا مجرد أماني . فإن هؤلاء يريدون التفريق بين الله وبين رسله . فإن مَنْ تولى الله حقيقة تولى جميع رسله ، لأن ذلك من تمام توليه ، ومن عادى أحداً من رسله فقد عادى الله ، وعادى جميع رسله كما قال تعالى : { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ } الآيات [ البقرة : 98 ] . وكذلك مَنْ كفر برسول فقد كفر بجميع الرسل ، بل بالرسول الذي يزعم أنه به مؤمن ، ولهذا قال : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً } وذلك لئلا يتوهم أن مرتبتهم متوسطة بين الإيمان والكفر . ووجه كونهم كافرين - حتى بما زعموا الإيمان به - أن كل دليل دلهم على الإيمان بمن آمنوا به موجود هو أو مثله ، أو ما فوقه للنبي الذي كفروا به ، وكل شبهة يزعمون أنهم يقدحون بها في النبي الذي كفروا به موجود مثلها أو أعظم منها فيمن آمنوا به . فلم يبق بعد ذلك إلا التشهي والهوى ومجرد الدعوى التي يمكن كل أحد أن يقابلها بمثلها ، ولما ذكر أن هؤلاء هم الكافرون حقاً ، ذكر عقاباً شاملاً لهم ولكل كافر ، فقال : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } كما تكبروا عن الإيمان بالله ، أهانهم بالعذاب الأليم المخزي . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } وهذا يتضمن الإيمان بكل ما أخبر الله به عن نفسه ، وبكل ما جاءت به الرسل من الأخبار والأحكام . { وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ } من رسله ، بل آمنوا بهم كلهم ، فهذا هو الإيمان الحقيقي ، واليقين المبني على البرهان . { أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } أي : جزاء إيمانهم ، وما ترتب عليه من عمل صالح ، وقول حسن ، وخلق جميل ، كُلٌ على حسب حاله . ولعل هذا هو السر في إضافة الأجور إليهم ، { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } يغفر السيئات ويتقبل الحسنات .