Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 170-170)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يأمر تعالى جميع الناس أن يؤمنوا بعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم . وذكر السبب الموجب للإيمان به ، والفائدة في الإيمان به ، والمضرة من عدم الإيمان به ، فالسبب الموجب هو إخباره بأنه جاءهم بالحق . أي : فمجيئه نفسه حق ، وما جاء به من الشرع حق ، فإن العاقل يعرف أن بقاء الخلق في جهلهم يعمهون ، وفي كفرهم يترددون ، والرسالة قد انقطعت عنهم ، غير لائق بحكمة الله ورحمته ، فمن حكمته ورحمته العظيمة نفس إرسال الرسول إليهم ، ليعرفهم الهدى من الضلال ، والغي من الرشد ، فمجرد النظر في رسالته دليل قاطع على صحة نبوته . وكذلك النظر إلى ما جاء به من الشرع العظيم والصراط المستقيم . فإن فيه من الإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة ، والخبر عن الله وعن اليوم الآخر - ما لا يعرف إلا بالوحي والرسالة . وما فيه من الأمر بكل خير وصلاح ، ورشد ، وعدل ، وإحسان ، وصدق ، وبر ، وصلة ، وحسن خلق ، ومن النهي عن الشر والفساد ، والبغي والظلم ، وسوء الخلق ، والكذب والعقوق ، مما يقطع به أنه من عند الله . وكلما ازداد به العبد بصيرة ، ازداد إيمانه ويقينه ، فهذا السبب الداعي للإيمان . وأما الفائدة في الإيمان فأخبر أنه خير لكم والخير ضد الشر . فالإيمان خير للمؤمنين في أبدانهم وقلوبهم وأرواحهم ، ودنياهم وأخراهم . وذلك لما يترتب عليه من المصالح والفوائد ، فكل ثواب عاجل وآجل ، فمن ثمرات الإيمان ، فالنصر والهدى والعلم والعمل الصالح والسرور والأفراح ، والجنة وما اشتملت عليه ، من النعيم كل ذلك مسبب عن الإيمان . كما أن الشقاء الدنيوي والأخروي من عدم الإيمان أو نقصه . وأما مضرة عدم الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، فيعرف بضد ما يترتب على الإيمان به . وأن العبد لا يضر إلا نفسه ، والله تعالى غني عنه ، لا تضره معصية العاصين ، ولهذا قال : { فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : الجميع خلقه وملكه ، وتحت تدبيره وتصريفه { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بكل شيء { حَكِيماً } في خلقه وأمره . فهو العليم بمن يستحق الهداية والغواية ، الحكيم في وضع الهداية والغواية موضعهما .