Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 174-175)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يمتن تعالى على سائر الناس بما أوصل إليهم من البراهين القاطعة والأنوار الساطعة ، ويقيم عليهم الحجة ، ويوضح لهم المحجة ، فقال : { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ } أي : حجج قاطعة على الحق تبينه وتوضحه ، وتبين ضده . وهذا يشمل الأدلة العقلية والنقلية ، الآيات الأفقية والنفسية { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } [ فصلت : 53 ] . وفي قوله : { مِّن رَّبِّكُمْ } ما يدل على شرف هذا البرهان وعظمته ، حيث كان من ربكم الذي رباكم التربية الدينية والدنيوية ، فمن تربيته لكم التي يحمد عليها ويشكر ، أن أوصل إليكم البينات ، ليهديكم بها إلى الصراط المستقيم ، والوصول إلى جنات النعيم . { وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } وهو هذا القرآن العظيم ، الذي قد اشتمل على علوم الأولين والآخرين ، والأخبار الصادقة النافعة ، والأمر بكل عدل وإحسان وخير ، والنهي عن كل ظلم وشر ، فالناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره ، وفي شقاء عظيم إن لم يقتبسوا من خيره . ولكن انقسم الناس - بحسب الإيمان بالقرآن ، والانتفاع به - قسمين : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ } أي : اعترفوا بوجوده ، واتصافه بكل وصف كامل ، وتنزيهه من كل نقص وعيب . { وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ } أي : لجأوا إلى الله واعتمدوا عليه ، وتبرؤوا من حولهم وقوتهم ، واستعانوا بربهم . { فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ } أي : فسيتغمدهم بالرحمة الخاصة ، فيوفقهم للخيرات ، ويجزل لهم المثوبات ، ويدفع عنهم البليات والمكروهات . { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } أي : يوفقهم للعلم والعمل ، معرفة الحق والعمل به . أي : ومَنْ لم يؤمن بالله ويعتصم به ويتمسك بكتابه ، منعهم من رحمته ، وحرمهم من فضله ، وخلى بينهم وبين أنفسهم ، فلم يهتدوا ، بل ضلوا ضلالاً مبيناً ، عقوبة لهم على تركهم الإيمان ، فحصلت لهم الخيبة والحرمان ، نسأله تعالى العفو والعافية والمعافاة .