Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 40-42)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن كمال عدله وفضله ، وتنزهه عمّا يضاد ذلك من الظلم القليل والكثير ، فقال : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } أي : ينقصها من حسنات عبده ، أو يزيدها في سيئاته ، كما قال تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 - 8 ] . { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا } أي : إلى عشرة أمثالها ، إلى أكثر من ذلك ، بحسب حالها ونفعها ، وحال صاحبها ، إخلاصاً ومحبة وكمالاً . { وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } أي زيادة على ثواب العمل بنفسه ، من التوفيق لأعمال أخر ، وإعطاء البر الكثير والخير الغزير . ثم قال تعالى { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } أي : كيف تكون تلك الأحوال ، وكيف يكون ذلك الحكم العظيم ، الذي جمع أن مَنْ حكم به كاملُ العلم كاملُ العدل ، كامل الحكمة ، بشهادة أزكى الخلق ، وهم الرسل على أممهم ، مع إقرار المحكوم عليه ؟ ! ! فهذا - والله - الحكم الذي هو أعم الأحكام وأعدلها وأعظمها . وهناك يبقى المحكوم عليهم مقرين له لكمال الفضل والعدل ، والحمد والثناء . وهناك يسعد أقوام بالفوز والفلاح والعز والنجاح . ويشقى أقوام بالخزي والفضيحة والعذاب المهين . ولهذا قال { يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ } أي : جمعوا بين الكفر بالله وبرسوله ومعصية الرسول { لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ } أي تبتلعهم ويكونون تراباً وعدماً ، كما قال تعالى : { وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً } [ النبأ : 40 ] . { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } أي بل يقرون له بما عملوا ، وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله جزاءهم الحق ، ويعلمون أن الله هو الحق المبين . فأما ما ورد من أن الكفار يكتمون كفرهم وجحودهم ، فإن ذلك يكون في بعض مواضع القيامة ، حين يظنون أن جحودهم مغن عنهم من عذاب الله فإذا عرفوا الحقائق ، وشهدت عليهم جوارحهم ، حينئذ ينجلي الأمر ، ولا يبقى للكتمان موضع ، ولا نفع ولا فائدة .