Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 49-50)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا تعجيب من الله لعباده ، وتوبيخ للذين يزكون أنفسهم من اليهود والنصارى ، ومَنْ نحا نحوهم ، من كل مَنْ زكى نفسه ، بأمر ليس فيه . وذلك أن اليهود والنصارى يقولون : { نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰؤُهُ } [ المائدة : 18 ] ويقولون : { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [ البقرة : 111 ] وهذا مجرد دعوى لا برهان عليها ، وإنما البرهان ما أخبر به في القرآن في قوله : { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ البقرة : 112 ] فهؤلاء هم الذين زكاهم الله ، ولهذا قال هنا : { بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ } أي : بالإيمان والعمل الصالح ، بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة ، والتحلي بالصفات الجميلة . وأما هؤلاء فهم - وإن زكوا أنفسهم بزعمهم أنهم على شيء ، وأن الثواب لهم وحدهم - فإنهم كذبة في ذلك ، ليس لهم من خصال الزاكين نصيب ، بسبب ظلمهم وكفرهم ، لا بظلم من الله لهم ، ولهذا قال : { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } . وهذا لتحقيق العموم ، أي : لا يظلمون شيئاً ، ولا مقدار الفتيل الذي في شق النواة ، أو الذي يفتل من وسخ اليد وغيرها . قال تعالى : { ٱنظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلكَذِبَ } أي : بتزكيتهم أنفسهم ، لأن هذا من أعظم الافتراء على الله . لأن مضمون تزكيتهم لأنفسهم ، الإخبار بأن الله جعل ما هم عليه حقاً ، وما عليه المؤمنون المسلمون باطلاً . وهذا أعظم الكذب وقلب الحقائق بجعل الحق باطلاً ، والباطلِ حقاً . ولهذا قال : { وَكَفَىٰ بِهِ إِثْماً مُّبِيناً } أي : ظاهراً بيناً ، موجباً للعقوبة البليغة والعذاب الأليم .