Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 66-68)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس من قتل النفوس ، والخروج من الديار ، لم يفعله إلا القليل منهم والنادر ، فليحمدوا ربهم وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد ، ولا يشق فعلها ، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي أن يلحظ العبد ضد ما هو فيه من المكروهات ، لتخف عليه العبادات ، ويزداد حمداً وشكراً لربه . ثم أخبر أنهم لو فعلوا ما يوعظون به ، أي : ما وُظِّف عليهم في كل وقت بحسبه ، فبذلوا هممهم ، ووفروا نفوسهم للقيام به وتكميله ، ولم تطمح نفوسهم لما لم يصلوا إليه ، ولم يكونوا بصدده ، وهذا هو الذي ينبغي للعبد ، أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها فيكملها ، ثم يتدرج شيئاً فشيئاً ، حتى يصل إلى ما قدر له من العلم والعمل في أمر الدين والدنيا ، وهذا بخلاف من طمحت نفسه إلى أمر لم يصل إليه ولم يؤمر به بعد ، فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهمة ، وحصول الكسل وعدم النشاط . ثم رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به ، وهو أربعة أمور : أحدها الخيرية في قوله : { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } أي : لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم ، من أفعال الخير ، التي أمروا بها ، أي : وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار ، لأن ثبوت الشيء يستلزم نفي ضده . الثاني حصول التثبيت والثبات وزيادته ، فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان ، الذي هو القيام بما وعظوا به ، فيثبتهم في الحياة الدنيا ، عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب ، فيحصل لهم ثبات يوفقون لفعل الأوامر وترك الزواجر ، التي تقتضي النفس فعلها ، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد . فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو للشكر . فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك ، ويحصل له الثبات على الدين ، عند الموت وفي القبر . وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به ، لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ، ويشتاق إليها وإلى أمثالها ، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات . الثالث قوله : { وَإِذاً لأَتَيْنَٰهُم مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً } أي : في العاجل والآجل ، الذي يكون للروح والقلب والبدن ، ومن النعيم المقيم مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . الرابع الهداية إلى صراط مستقيم . وهذا عموم بعد خصوص ، لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم ، من كونها متضمنة للعلم بالحق ، ومحبته وإيثاره والعمل به ، وتوقف السعادة والفلاح على ذلك ، فمن هدي إلى صراط مستقيم ، فقد وفق لكل خير ، واندفع عنه كل شر وضير .