Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 64-65)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى خبراً في ضمنه الأمر والحث على طاعة الرسول والانقياد له . وأن الغاية من إرسال الرسل أن يكونوا مطاعين ، ينقاد لهم المرسل إليهم في جميع ما أمروا به ونهوا عنه ، وأن يكونوا معظمين ، تعظيم المطيع للمطاع . وفي هذا إثبات عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله ، وفيما يأمرون به وينهون عنه لأن الله أمر بطاعتهم مطلقاً ، فلولا أنهم معصومون لا يشرعون ما هو خطأ ، لما أمر بذلك مطلقاً . وقوله : { بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي : الطاعة من المطيع ، صادرة بقضاء الله وقدره . ففيه إثبات القضاء والقدر ، والحث على الاستعانة بالله ، وبيان أنه لا يمكن الإنسان - إن لم يعنه الله - أن يطيع الرسول . ثم أخبر عن كرمه العظيم وجوده ، ودعوته لمن اقترفوا السيئات ، أن يعترفوا ويتوبوا ويستغفروا الله فقال : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ } أي : معترفين بذنوبهم ، باخعين بها . { فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } أي : لتاب عليهم بمغفرته ظلمهم ، ورحمهم بقبول التوبة والتوفيق لها ، والثواب عليها ، وهذا المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مختص بحياته لأن السياق يدل على ذلك لكون الاستغفار من الرسول لا يكون إلا في حياته ، وأما بعد موته فإنه لا يطلب منه شيء ، بل ذلك شرك . ثم أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم ، أي : في كل شيء يحصل فيه اختلاف ، بخلاف مسائل الإجماع ، فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسُنّة ، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق ، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض ، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليماً ، بانشراح صدر ، وطمأنينة نفس ، وانقياد بالظاهر والباطن . فالتحكيم في مقام الإسلام ، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان ، والتسليم في مقام الإحسان . فمن استكمل هذه المراتب وكملها ، فقد استكمل مراتب الدين كلها . فمَنْ ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له فهو كافر ، ومَنْ تركه ، مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين .