Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 82-82)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يأمر تعالى بتدبر كتابه ، وهو التأمل في معانيه ، وتحديق الفكر فيه ، وفي مبادئه وعواقبه ، ولوازم ذلك ، فإن تدبر كتاب الله مفتاحٌ للعلوم والمعارف ، وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم ، وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته . فإنه يعرف بالرب المعبود ، وما له من صفات الكمال وما ينزه عنه من سمات النقص ، ويعرف الطريق الموصلة إليه ، وصفة أهلها ، وما لهم عند القدوم عليه ، ويعرف العدو الذي هو العدو على الحقيقة ، والطريق الموصلة إلى العذاب ، وصفة أهلها ، وما لهم عند وجود أسباب العقاب . وكلما ازداد العبد تأملاً فيه ، ازداد علماً وعملاً وبصيرة ، لذلك أمر الله بذلك ، وحث عليه وأخبر أنه [ هو ] المقصود بإنزال القرآن ، كما قال تعالى : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [ ص : 29 ] وقال تعالى : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } [ محمد : 24 ] . ومن فوائد التدبر لكتاب الله : أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين ، والعلم بأنه كلام الله ، لأنه يراه يصدق بعضه بعضاً ، ويوافق بعضه بعضاً . فترى الحكم والقصة والإخبارات تعاد في القرآن في عدة مواضع ، كلها متوافقة متصادقة ، لا ينقض بعضها بعضاً ، فبذلك يعلم كمال القرآن ، وأنه من عند مَنْ أحاط علمه بجميع الأمور ، فلذلك قال تعالى : { لْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } أي : فلما كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف أصلاً .