Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 69-76)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ } الواضحة البينة متعجباً من حالهم الشنيعة . { أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ } أي : كيف ينعدلون عنها ؟ وإلى أي شيء يذهبون بعد البيان التام ؟ هل يجدون آيات بيِّنات تعارض آيات الله ؟ لا والله . أم يجدون شبهاً توافق أهواءهم ، ويصولون بها لأجل باطلهم ؟ فبئس ما استبدلوا واختاروا لأنفسهم بتكذيبهم بالكتاب الذي جاءهم من الله ، وبما أرسل الله به رسله ، الذين هم خير الخلق وأصدقهم ، وأعظمهم عقولاً ، فهؤلاء لا جزاء لهم سوى النار الحامية ، ولهذا توعدهم الله بعذابها فقال : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ } التي لا يستطيعون معها حركة . { وٱلسَّلاَسِلُ } التي يقرنون بها هم وشياطينهم { يُسْحَبُونَ * فِي ٱلْحَمِيمِ } أي : الماء الذي اشتد غليانه وحره . { ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } يوقد عليهم اللهب العظيم فيصلون بها ، ثم يوبخون على شركهم وكذبهم . ويقال { لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ } هل نفعوكم أو دفعوا عنكم بعض العذاب ؟ { قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا } أي : غابوا ولم يحضروا ، ولو حضروا لم ينفعوا ، ثم إنهم أنكروا فقالوا : { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً } يحتمل أن مرادهم بذلك الإنكار ، وظنوا أنه ينفعهم ويفيدهم ، ويحتمل - وهو الأظهر - أن مرادهم بذلك ، الإقرار على بطلان إلهية ما كانوا يعبدون ، وأنه ليس للّه شريك في الحقيقة ، وإنما هم ضالون مخطئون بعبادة معدوم الإلهية ، ويدل على هذا قوله تعالى : { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَافِرِينَ } أي : كذلك الضلال الذي كانوا عليه في الدنيا ، الضلال الواضح لكل أحد ، حتى إنهم بأنفسهم ، يقرون ببطلانه يوم القيامة ، ويتبين لهم معنى قوله تعالى : { وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } [ يونس : 66 ] ويدل عليه قوله تعالى : { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ } [ فاطر : 14 ] { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } الآيات [ الأحقاف : 5 ] . ويقال لأهل النار { ذَلِكُمْ } العذاب الذي نوع عليكم { بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } أي : تفرحون بالباطل الذي أنتم عليه ، وبالعلوم التي خالفتم بها علوم الرسل وتمرحون على عباد الله ، بغياً وعدواناً وظلماً وعصياناً ، كما قال تعالى في آخر هذه السورة : { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } [ غافر : 83 ] . وكما قال قوم قارون له : { لاَ تَفْرَحْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } [ القصص : 76 ] . وهذا هو الفرح المذموم الموجب للعقاب ، بخلاف الفرح الممدوح الذي قال الله فيه : { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } [ يونس : 58 ] وهو الفرح بالعلم النافع والعمل الصالح . { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ } كل بطبقة من طبقاتها على قدر عمله . { خَالِدِينَ فِيهَا } لا يخرجون منها أبداً { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } مثوى يخزون فيه ويهانون ويحبسون ويعذبون ويترددون بين حرها وزمهريرها .