Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 66-68)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر الأمر بإخلاص العبادة للّه وحده ، وذكر الأدلة على ذلك والبينات ، صرح بالنهي عن عبادة ما سواه فقال : { قُلْ } يا أيها النبي { إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأوثان والأصنام ، وكل ما عُبد من دون الله . ولست على شك من أمري ، بل على يقين وبصيرة ، ولهذا قال : { لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } بقلبي ولساني وجوارحي ، بحيث تكون منقادة لطاعته ، مستسلمة لأمره ، وهذا أعظم مأمور به على الإطلاق ، كما أن النهي عن عبادة ما سواه أعظم مَنْهِيٍّ عنه على الإطلاق ، ثم قرر هذا التوحيد بأنه الخالق لكم والمطور لخلقتكم ، فكما خلقكم وحده فاعبدوه وحده ، فقال : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ } وذلك بخلقه لأصلكم وأبيكم آدم عليه السلام . { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } وهذا ابتداء خلق سائر النوع الإنساني ، ما دام في بطن أمه ، فنبه بالابتداء على بقية الأطوار ، من العلقة ، فالمضغة ، فالعظام ، فنفخ الروح ، { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } ثم هكذا تنتقلون في الخلقة الإلهية حتى تبلغوا أشدَّكم من قوة العقل والبدن ، وجميع قواه الظاهرة والباطنة . { ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ } بلوغ الأشد { وَلِتَبْلُغُوۤاْ } بهذه الأطوار المقدرة أجل مسمى تنتهي عنده أعماركم . { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } أحوالكم ، فتعلمون أن المطور لكم في هذه الأطوار كامل الاقتدار ، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له ، وأنكم ناقصون من كل وجه . { هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي هو المنفرد بالإحياء والإماتة ، فلا تموت نفس بسبب أو بغير سبب ، إلا بإذنه . { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [ فاطر : 11 ] . { فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً } جليلاً أو حقيراً { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ } لا رد في ذلك ، ولا مثنوية ، ولا تمنع .