Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 26-29)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن إعراض الكفار عن القرآن وتواصيهم بذلك ، فقال : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } أي : أعرضوا عنه بأسماعكم ، وإياكم أن تلتفتوا ، أو تصغوا إليه ولا إلى مَنْ جاء به ، فإن اتفق أنكم سمعتموه ، أو سمعتم الدعوة إلى أحكامه ، فـ { وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } أي : تكلموا بالكلام الذي لا فائدة فيه ، بل فيه المضرة ، ولا تمكنوا - مع قدرتكم - أحداً يملك عليكم الكلام به ، وتلاوة ألفاظه ومعانيه ، هذا لسان حالهم ولسان مقالهم في الإعراض عن هذا القرآن ، { لَعَلَّكُمْ } إن فعلتم ذلك { تَغْلِبُونَ } [ وهذه ] شهادة من الأعداء ، وأوضح الحق ما شهدت به الأعداء ، فإنهم لم يحكموا بغلبتهم لمن جاء بالحق إلاّ في حال الإعراض عنه والتواصي بذلك ، ومفهوم كلامهم ، أنهم إن لم يلغوا فيه ، بل استمعوا إليه ، وألقوا أذهانهم ، أنهم لا يغلبون ، فإن الحق غالب غير مغلوب ، يعرف هذا أصحاب الحق وأعداؤه . ولما كان هذا ظلماً منهم وعناداً ، لم يبق فيهم مطمع للهداية ، فلم يبق إلاّ عذابهم ونكالهم ، ولهذا قال : { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وهو الكفر والمعاصي ، فإنها أسوأ ما كانوا يعملون ، لكونهم يعملون المعاصي وغيرها ، فالجزاء بالعقوبة ، إنما هو على عمل الشرك ، { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [ الكهف : 49 ] . { ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ } الذين حاربوه وحاربوا أولياءه بالكفر والتكذيب والمجادلة والمجالدة . { ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } أي : الخلود الدائم ، الذي لا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا هم ينصرون ، وذلك { جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ } فإنها آيات واضحة ، وأدلة قاطعة مفيدة لليقين ، فأعظم الظلم وأكبر العناد جحدها والكفر بها . { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ } أي : الأتباع منهم ، بدليل ما بعده ، على وجه الحنق على مَنْ أضلهم : { رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } أي : الصنفين اللذين ، قادانا إلى الضلال والعذاب ، من شياطين الجِنِّ ، وشياطين الإنس ، الدعاة إلى جهنم . { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } أي : الأذلين المهانين كما أضلونا وفتنونا ، وصاروا سبباً لنزولنا . ففي هذا ، بيان حنق بعضهم على بعض ، وتبرِّي بعضهم من بعض .