Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 34-35)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ } أي : لا يستوي فعل الحسنات والطاعات لأجل رضا الله تعالى ، ولا فعل السيئات والمعاصي التي تسخطه ولا ترضيه ، ولا يستوي الإحسان إلى الخلق ولا الإساءة إليهم ، لا في ذاتها ، ولا في وصفها ، ولا في جزائها { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } [ الرحمن : 60 ] . ثم أمر بإحسان خاص ، له موقع كبير ، وهو الإحسان إلى مَنْ أساء إليك ، فقال : { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي : فإذا أساء إليك مسيء من الخَلْق ، خصوصاً مَنْ له حقٌّ كبير عليك ، كالأقارب والأصحاب ونحوهم ، إساءة بالقول أو بالفعل ، فقابله بالإحسان إليه ، فإن قطعك فَصلْهُ ، وإن ظلمك فاعف عنه ، وإن تكلم فيك غائباً أو حاضراً فلا تقابله ، بل اعف عنه ، وعامله بالقول اللين . وإن هجرك وترك خطابك ، فَطيِّبْ له الكلام ، وابذل له السلام ، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان ، حصل فائدة عظيمة . { فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } أي : كأنه قريب شفيق . { وَمَا يُلَقَّاهَا } أي : وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } نفوسهم على ما تكره ، وأجبروها على ما يحبه الله ، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه ، فكيف بالإحسان ؟ ! ! فإذا صبّر الإنسان نفسه ، وامتثل أمر ربه ، وعرف جزيل الثواب ، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله لا يفيده شيئاً ، ولا يزيد العداوة إلا شدة ، وأن إحسانه إليه ليس بواضع قدره ، بل من تواضع للّه رفعه ، هان عليه الأمر ، وفعل ذلك متلذذاً مستحلياً له . { وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } لكونها من خصال خواص الخلق ، التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة ، التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق .