Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 51-53)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما قال المكذبون لرسل الله ، الكافرون بالله : { لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ } [ البقرة : 118 ] من كبرهم وتجبرهم ، رد الله عليهم بهذه الآية الكريمة ، وأن تكليمه تعالى لا يكون إلا لخواص خلقه ، للأنبياء والمرسلين ، وصفوته من العالمين ، وأنه يكون على أحد هذه الأوجه . إما { أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً } بأن يلقي الوحي في قلب الرسول ، من غير إرسال ملك ، ولا مخاطبة منه شفاها . { أَوْ } يكلمه منه شفاها ، لكن { مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } كما حصل لموسى بن عمران ، كليم الرحمن . { أَوْ } يكلمه الله بواسطة الرسول الملكي ، فـ { يُرْسِلَ رَسُولاً } كجبريل أو غيره من الملائكة . { فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ } أي : بإذن ربه ، لا بمجرد هواه ، { إِنَّهُ } تعالى علي الذات ، علي الأوصاف ، عظيمها ، علي الأفعال ، قد قهر كل شيء ، ودانت له المخلوقات . حكيم في وضعه كل شيء في موضعه ، من المخلوقات والشرائع . { وَكَذَلِكَ } حين أوحينا إلى الرسل قبلك { أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } وهو هذا القرآن الكريم ، سماه روحاً ، لأن الروح يحيا به الجسد ، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح ، وتحيا به مصالح الدنيا والدين ، لما فيه من الخير الكثير والعلم الغزير . وهو محض منّة الله على رسوله وعباده المؤمنين ، من غير سبب منهم ، ولهذا قال : { مَا كُنتَ تَدْرِي } أي : قبل نزوله عليك { مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } أي : ليس عندك علم بأخبار الكتب السابقة ، ولا إيمان وعمل بالشرائع الإلهية ، بل كنت أمياً لا تخط ولا تقرأ ، فجاءك هذا الكتاب الذي { جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } يستضيئون به في ظلمات الكفر والبِدع ، والأهواء المردية ، ويعرفون به الحقائق ، ويهتدون به إلى الصراط المستقيم . { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي : تبينه لهم وتوضحه ، وتنيره وترغبهم فيه ، وتنهاهم عن ضده ، وترهبهم منه ، ثم فسَّر الصراط المستقيم فقال : { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي : الصراط الذي نصبه الله لعباده ، وأخبرهم أنه موصل إليه وإلى دار كرامته ، { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } أي : ترجع جميع أمور الخير والشر ، فيجازي كُلاً بحسب عمله ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر .