Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 1-11)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى خبراً يتضمن الأمر بتعظيم القرآن والاعتناء به ، وأنه { تَنزِيلُ } { مِنَ ٱللَّهِ } المألوه المعبود ، لما اتصف به من صفات الكمال ، وانفرد به من النعم ، الذي له العزة الكاملة والحكمة التامة ، ثم أيد ذلك بما ذكره من الآيات الأفقية والنفسية ، من خلق السماوات والأرض ، وما بث فيهما من الدواب ، وما أودع فيهما من المنافع ، وما أنزل الله من الماء ، الذي يحيي به الله البلاد والعباد . فهذه كلها آيات بينات ، وأدلة واضحات ، على صدق هذا القرآن العظيم ، وصحة ما اشتمل عليه من الحكم والأحكام ، ودالات أيضاً على ما لله تعالى من الكمال ، وعلى البعث والنشور . ثم قسم تعالى الناس ، بالنسبة إلى الانتفاع بآياته وعدمه ، إلى قسمين : قسم يستدلون بها ، ويتفكرون بها ، وينتفعون فيرتفعون ، وهم المؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، إيماناً تاماً ، وصل بهم إلى درجة اليقين ، فزكى منهم العقول ، وازدادت به معارفهم وألبابهم وعلومهم . وقسم يسمع آيات الله سماعاً تقوم به الحجة عليهم ، ثم يعرض عنها ويستكبر ، كأنه ما سمعها ، لأنها لم تزك قلبه ، ولا طهَّرته ، بل بسبب استكباره عنها ازداد طغيانه . وأنه إذا علم من آيات الله شيئاً اتخذها هزواً ، فتوعده الله تعالى بالويل فقال : { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } أي : كذاب في مقاله ، أثيم في فعاله . وأخبر أنّ له عذاباً أليماً ، وأن { مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ } تكفي في عقوبتهم البليغة . وأنه { وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ } من الأموال { وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ } يستنصرون بهم فخذلوهم ، أحوج ما كانوا إليهم لو نفعوا . فلما بيَّن آياته القرآنية والعيانية ، وأن الناس فيها على قسمين ، أخبر أن القرآن المشتمل على هذه المطالب العالية ، أنه هدى ، فقال : { هَـٰذَا هُدًى } وهذا وصف عام لجميع القرآن ، فإنه يهدي إلى معرفة الله تعالى ، بصفاته المقدسة ، وأفعاله الحميدة ، ويهدي إلى معرفة رسله ، وأوليائه وأعدائه ، وأوصافهم ، ويهدي إلى الأعمال الصالحة ويدعو إليها ، ويبين الأعمال السيئة وينهى عنها ، ويهدي إلى بيان الجزاء على الأعمال ، ويبين الجزاء الدنيوي والأخروي ، فالمهتدون اهتدوا به ، فأفلحوا وسعدوا ، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِ رَبِّهِمْ } الواضحة القاطعة ، التي لا يكفر بها إلا من اشتد ظلمه ، وتضاعف طغيانه ، { لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } .