Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 17-19)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر تعالى حال الصالح البار لوالديه ، ذكر حالة العاق ، وأنها شر الحالات ، فقال : { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ } إذ دعواه إلى الإيمان بالله واليوم الآخر ، وخوفاه الجزاء . وهذا أعظم إحسان يصدر من الوالدين لولدهما ، أن يدعواه إلى ما فيه سعادته الأبدية ، وفلاحه السرمدي ، فقابلهما بأقبح مقابلة ، فقال : { أُفٍّ لَّكُمَآ } أي : تباً لكما ، ولما جئتما به . ثم ذكر وجه استبعاده وإنكاره لذلك فقال : { أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ } من قبري إلى يوم القيامة { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي } على التكذيب ، وسلفوا على الكفر ، وهم الأئمة المقتدى بهم ، لكل كفور وجهول ومعاند ؟ { وَهُمَا } أي : والداه { يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ } عليه ، ويقولان له : { وَيْلَكَ آمِنْ } أي : يبذلان غاية جهدهما ، ويسعيان في هدايته أشد السعي ، حتى إنهما - من حرصهما عليه - أنهما يستغيثان الله له ، استغاثة الغريق ، ويسألانه سؤال الشريق ، ويعذلان ولدهما ، ويتوجعان له ، ويبينان له الحق ، فيقولان : { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } ثم يقيمان عليه من الأدلة ما أمكنهما ، وولدهما لا يزداد إلا عتواً ونفوراً ، واستكباراً عن الحق وقدحاً فيه ، { فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي : إلا منقول من كتب المتقدمين ، ليس من عند الله ، ولا أوحاه الله إلى رسوله ، وكل أحد يعلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم أُمِّيٌّ لا يكتب ولا يقرأ ، ولا تعلم من أحد ، فمن أين يتعلَّمه ؟ وأنَّى للخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ؟ { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ } بهذه الحالة الذميمة { حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي : حقت عليهم كلمة العذاب { فِيۤ } جملة { أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } على الكفر والتكذيب ، فسيدخل هؤلاء في غمارهم ، وسيغرقون في تيارهم . { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } والخسران فوات رأس مال الإنسان ، وإذا فقد رأس ماله ، فالأرباح من باب أولى وأحرى ، فهم قد فاتهم الإيمان ، ولم يحصلوا على شيء من النعيم ، ولا سلموا من عذاب الجحيم . { وَلِكُلٍّ } من أهل الخير وأهل الشر { دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ } أي : كلٌّ على حسب مرتبته من الخير والشر ، ومنازلهم في الدار الآخرة على قدر أعمالهم ، ولهذا قال : { وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بأن لا يزاد في سيئاتهم ، ولا ينقص من حسناتهم .