Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 7-10)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : وإذا تتلى على المكذبين { آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } بحيث تكون على وجه لا يمترى بها ، ولا يشك في وقوعها وحقها ، لم تفدهم خيراً ، بل قامت عليهم بذلك الحجة ، ويقولون من إفكهم وافترائهم { لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } أي : ظاهر لا شك فيه ، وهذا من باب قلب الحقائق ، الذي لا يروج إلا على ضعفاء العقول ، وإلا فبين الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبين السحر من المنافاة والمخالفة ، أعظم مما بين السماء والأرض ، وكيف يقاس الحق - الذي علا وارتفع ارتفاعاً على الأفلاك ، وفاق بضوئه ونوره نور الشمس ، وقامت الأدلة الأفقية والنفسية عليه ، وأقرت به وأذعنت أولو البصائر والعقول الرزينة - بالباطل الذي هو السحر الذي لا يصدر إلا من ضال ظالم خبيث النفس ، خبيث العمل ؟ ! فهو مناسب له وموافق لحاله ، وهل هذا إلا من البهرجة ؟ { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } أي : افترى محمد هذا القرآن من عند نفسه ، فليس هو من عند الله . { قُلْ } لهم : { إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ } فالله عليَّ قادر وبما تفيضون فيه عالم ، فكيف لم يعاقبني على افترائي الذي زعمتم ؟ فهل { تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } إن أرادني الله بضرٍ ، أو أرادني برحمةٍ { كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } فلو كنت متقولاً عليه ، لأخذ مني باليمين ، ولعاقبني عقاباً يراه كل أحد ، لأن هذا أعظم أنواع الافتراء لو كنت متقولاً ، ثم دعاهم إلى التوبة مع ما صدر منهم من معاندة الحق ومخاصمته ، فقال : { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } أي : فتوبوا إليه ، وأقلعوا عما أنتم فيه ، يغفر لكم ذنوبكم ، ويرحمكم ، فيوفقكم للخير ، ويثيبكم جزيل الأجر . { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ } أي : لست بأول رسول جاءكم ، حتى تستغربوا رسالتي وتستنكروا دعوتي ، فقد تقدم من الرسل والأنبياء من وافقت دعوتي دعوتهم ، فلأي شيء تنكر رسالتي ؟ { وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } أي : لست إلا بشراً ، ليس بيدي من الأمر شيء ، والله تعالى هو المتصرف بي وبكم ، الحاكم عليَّ وعليكم ، ولست الآتي بالشيء من عندي ، { وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } فإن قبلتم رسالتي ، وأجبتم دعوتي ، فهو حظكم ونصيبكم في الدنيا والآخرة ، وإن رددتم ذلك عليَّ فحسابكم على الله ، وقد أنذرتكم ، ومن أنذر فقد أعذر . { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ } أي : أخبروني ، لو كان هذا القرآن من عند الله ، وشهد على صحته الموفقون من أهل الكتاب ، الذين عندهم من الحق ما يعرفون أنه الحق ، فآمنوا به واهتدوا ، فتطابقت أنباء الأنبياء وأتباعهم النبلاء ، واستكبرتم أيها الجهلاء الأغبياء ، فهل هذا إلا أعظم الظلم وأشد الكفر ؟ { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } ومن الظلم الاستكبار عن الحق بعد التمكن منه .