Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 4-6)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : { قُلْ } لهؤلاء الذين أشركوا بالله أوثاناً وأنداداً ، لا تملك نفعاً ولا ضراً ، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً ، قل لهم - مبيناً عجز أوثانهم ، وأنها لا تستحق شيئاً من العبادة - : { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } هل خلقوا من أجرام السماوات والأرض شيئاً ؟ هل خلقوا جبالاً ؟ هل أجروا أنهاراً ؟ هل نشروا حيواناً ؟ هل أنبتوا أشجاراً ؟ هل كان منهم معاونة على خلق شيء من ذلك ؟ لا شيء من ذلك ، بإقرارهم على أنفسهم ، فضلاً عن غيرهم ، فهذا دليل عقلي قاطع على أن كل من سوى الله ، فعبادته باطلة . ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي ، فقال : { ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ } الكتاب يدعو إلى الشرك ، { أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ } موروث عن الرسل يأمر بذلك . من المعلوم أنهم عاجزون أن يأتوا عن أحد من الرسل بدليل يدل على ذلك ، بل نجزم ونتيقن أن جميع الرسل دعوا إلى توحيد ربهم ، ونهوا عن الشرك به ، وهي أعظم ما يؤثر عنهم من العلم ، قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] وكل رسول قال لقومه : { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } [ الأعراف : 59 ] فعلم أن جدال المشركين في شركهم ، غير مستندين فيه على برهان ولا دليل ، وإنما اعتمدوا على ظنون كاذبة ، وآراء كاسدة ، وعقول فاسدة . يدلُّك على فسادها استقراء أحوالهم ، وتتبع علومهم وأعمالهم ، والنظر في حال من أفنوا أعمارهم بعبادته ، هل أفادهم شيئاً في الدنيا أو في الآخرة ؟ ولهذا قال تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } أي : مدة مقامه في الدنيا ، لا ينتفع به بمثقال ذرة ، { وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } لا يسمعون منهم دعاء ، ولا يجيبون لهم نداء ، هذا حالهم في الدنيا ، ويوم القيامة يكفرون بشركهم . { وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً } يلعن بعضهم بعضاً ، ويتبرأ بعضهم من بعض { وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } .