Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 11-11)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا أيضاً من حقوق المؤمنين بعضهم على بعض ، أن { لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ } بكل كلام ، وقول ، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم ، فإن ذلك حرام لا يجوز ، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه ، وعسى أن يكون المسخور به خيراً من الساخر ، كما هو الغالب والواقع ، فإن السخرية لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق ، مُتَحَلٍّ بكل خلق ذميم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " . ثم قال : { وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } أي : لا يعب بعضكم على بعض ، واللمز بالقول ، والهمز بالفعل ، وكلاهما منهي عنه حرام ، متوعد عليه بالنار . كما قال تعالى : { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } الآية [ الهمزة : 1 ] ، وسمى الأخ المؤمن نفساً لأخيه ، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هكذا حالهم كالجسد الواحد ، ولأنه إذا همز غيره ، أوجب للغير أن يهمزه ، فيكون هو المتسبب لذلك . { وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ } أي : لا يعير أحدكم أخاه ، ويلقبه بلقب ذمٍ يكره أن يطلق عليه ، وهذا هو التنابز ، وأما الألقاب غير المذمومة ، فلا تدخل في هذا . { بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ } أي : بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه ، وما تقتضيه بالإعراض عن أوامره ونواهيه ، باسم الفسوق والعصيان ، الذي هو التنابز بالألقاب . { وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } فهذا [ هو ] الواجب على العبد ، أن يتوب إلى الله تعالى ، ويخرج من حق أخيه المسلم ، باستحلاله والاستغفار ، والمدح له مقابلة [ على ] ذمه . { وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } فالناس قسمان : ظالم لنفسه غير تائب ، وتائب مفلح ، ولا ثَمَّ قسم ثالث غيرهما .