Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 109-110)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن يوم القيامة وما فيه من الأهوال العظام ، وأن الله يجمع به جميع الرسل فيسألهم : { مَاذَآ أُجِبْتُمْ } أي : ماذا أجابتكم به أممكم . فـ { قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ } وإنما العلم لك يا ربنا ، فأنت أعلم منا . { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } أي : تعلم الأمور الغائبة والحاضرة . { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ } أي : اذكرها بقلبك ولسانك ، وقم بواجبها شكراً لربك ، حيث أنعم عليك نعماً ما أنعم بها على غيرك . { إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } أي : إذ قويتك بالروح والوحي ، الذي طهرك وزكاك ، وصار لك قوة على القيام بأمر الله والدعوة إلى سبيله . وقيل : إن المراد " بروح القدس " جبريل عليه السلام ، وأن الله أعانه به وبملازمته له ، وتثبيته في المواطن المشقة . { تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً } المراد بالتكليم هنا ، غير التكليم المعهود الذي هو مجرد الكلام ، وإنما المراد بذلك التكليم الذي ينتفع به المتكلم والمخاطب ، وهو الدعوة إلى الله . ولعيسى عليه السلام من ذلك ، ما لإخوانه من أُولي العزم من المرسلين ، من التكليم في حال الكهولة ، بالرسالة والدعوة إلى الخير ، والنهي عن الشر ، وامتاز عنهم بأنه كلّم الناس في المهد ، فقال : { إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً } الآيات [ مريم : 30 - 31 ] . { وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } فالكتاب يشمل الكتب السابقة ، وخصوصاً التوراة ، فإنه من أعلم أنبياء بني إسرائيل - بعد موسى - بها . ويشمل الإنجيل الذي أنزله الله عليه . والحكمة هي : معرفة أسرار الشرع وفوائده وحكمه ، وحسن الدعوة والتعليم ، ومراعاة ما ينبغي ، على الوجه الذي ينبغي . { وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ } أي طيراً مصوراً لا روح فيه . فتنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله ، وتبرئ الأكمه الذي لا بصر له ولا عين . { وَٱلأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ بِإِذْنِيِ } فهذه آيات بيّنات ومعجزات باهرات ، يعجز عنها الأطباء وغيرهم ، أيد الله بها عيسى وقوى بها دعوته . { وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } لما جاءهم الحق مؤيداً بالبينات الموجبة للإيمان به { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } وهموا بعيسى أن يقتلوه وسعوا في ذلك ، فكفّ الله أيديهم عنه ، وحفظه منهم وعصمه . فهذه مِنَنٌ امتَنَّ الله بها على عبده ورسوله عيسى ابن مريم ودعاه إلى شكرها والقيام بها ، فقام بها عليه السلام أتم القيام ، وصبر كما صبر إخوانه من أولي العزم .