Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 51-53)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بيَّن لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة ، أن لا يتخذوهم أولياء . فإن بعضهم أولياء بعض يتناصرون فيما بينهم ويكونون يداً على مَنْ سواهم ، فأنتم لا تتخذوهم أولياء ، فإنهم الأعداء على الحقيقة ولا يبالون بضركم ، بل لا يدخرون من مجهودهم شيئاً على إضلالكم ، فلا يتولاهم إلا مَنْ هو مثلهم ، ولهذا قال : { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم . والتولي القليل يدعو إلى الكثير ، ثم يتدرج شيئاً فشيئاً ، حتى يكون العبد منهم . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } أي : الذين وصفهم الظلم ، وإليه يرجعون ، وعليه يعولون . فلو جئتهم بكل آية ما تبعوك ، ولا انقادوا لك . ولما نهى الله المؤمنين عن توليهم ، أخبر أن ممن يدعي الإيمان طائفةً تواليهم ، فقال : { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي : شك ونفاق ، وضعف إيمان ، يقولون : إن تولينا إياهم للحاجة ، فإننا { نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ } أي : تكون الدائرة لليهود والنصارى ، فإذا كانت الدائرة لهم ، فإذا لنا معهم يد يكافؤننا عنها ، وهذا سوء ظن منهم بالإسلام ، قال تعالى - راداً لظنهم السيئ - : { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ } الذي يعز الله به الإسلام على اليهود والنصارى ، ويقهرهم المسلمون { أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ } ييأس به المنافقون من ظفر الكافرين من اليهود وغيرهم { فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ } أي : أضمروا { فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } على ما كان منهم وضرهم بلا نفع حصل لهم ، فحصل الفتح الذي نصر الله به الإسلام والمسلمين ، وأذلّ به الكفر والكافرين ، فندموا وحصل لهم من الغم ما الله به عليم . { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } متعجبين من حال هؤلاء الذين في قلوبهم مرض : { أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ } أي : حلفوا وأكدوا حلفهم ، وغلظوه بأنواع التأكيدات : إنهم لمعكم في الإيمان ، وما يلزمه من النصرة والمحبة والموالاة ، ظهر ما أضمروه ، وتبين ما أسروه ، وصار كيدهم الذي كادوه ، وظنهم الذي ظنوه بالإسلام وأهله - باطلاً ، فبطل كيدهم وبطلت { أَعْمَالُهُمْ } في الدنيا { فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ } حيث فاتهم مقصودهم ، وحضرهم الشقاء والعذاب .