Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 59-63)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : { قُلْ } يا أيها الرسول : { يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ } ملزماً لهم ، إن دين الإسلام هو الدين الحق ، وإن قدحهم فيه قدح بأمر ينبغي المدح عليه : { هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } أي : هل لنا عندكم من العيب إلا إيماننا بالله ، وبكتبه السابقة واللاحقة ، وبأنبيائه المتقدمين والمتأخرين ، وبأننا نجزم أن مَنْ لم يؤمن كهذا الإيمان فإنه كافر فاسق ؟ فهل تنقمون منا بهذا الذي هو أوجب الواجبات على جميع المكلفين ؟ ! ! ومع هذا فأكثركم فاسقون ، أي : خارجون عن طاعة الله ، متجرئون على معاصيه ، فأولى لكم - أيها الفاسقون - السكوت ، فلو كان عيبكم وأنتم سالمون من الفسق ، وهيهات ذلك - لكان الشر أخف من قدحكم فينا مع فسقكم . ولما كان قدحهم في المؤمنين يقتضي أنهم يعتقدون أنهم على شر ، قال تعالى : { قُلْ } لهم مخبراً عن شناعة ما كانوا عليه : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ } الذي نقمتم فيه علينا ، مع التنزل معكم . { مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } أي : أبعده عن رحمته { وَغَضِبَ عَلَيْهِ } وعاقبه في الدنيا والآخرة { وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ } وهو الشيطان ، وكل ما عُبِدَ من دون الله فهو طاغوت . { أُوْلَـٰئِكَ } المذكورون بهذه الخصال القبيحة { شَرٌّ مَّكَاناً } من المؤمنين الذين رحمة الله قريب منهم ، ورضي الله عنهم وأثابهم في الدنيا والآخرة ، لأنهم أخلصوا له الدين . وهذا النوع من باب استعمال أفعل التفضيل في غير بابه وكذلك قوله : { وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ } أي : وأبعد عن قصد السبيل . { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا } نفاقاً ومكراً { و } هم { وَقَدْ دَّخَلُواْ } مشتملين على الكفر { وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ } فمدخلهم ومخرجهم بالكفر - وهم يزعمون أنهم مؤمنون ، فهل أشر من هؤلاء وأقبح حالاً منهم ؟ ! ! { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } فيجازيهم بأعمالهم خيرها وشرها . ثم استمر تعالى يعدد معايبهم ، انتصاراً لقدحهم في عباده المؤمنين ، فقال : { وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ } أي : من اليهود { يُسَارِعُونَ فِي ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ } أي : يحرصون ، ويبادرون المعاصي المتعلقة في حق الخالق والعدوان على المخلوقين . { وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ } الذي هو الحرام . فلم يكتف بمجرد الإخبار أنهم يفعلون ذلك ، حتى أخبر أنهم يسارعون فيه ، وهذا يدل على خبثهم وشرهم ، وأن أنفسهم مجبولة على حب المعاصي والظلم . هذا وهم يدعون لأنفسهم المقامات العالية . { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وهذا في غاية الذم لهم والقدح فيهم . { لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ } أي : هلا ينهاهم العلماء المتصدون لنفع الناس ، الذين مَنَّ الله عليهم بالعلم والحكمة - عن المعاصي التي تصدر منهم ، ليزول ما عندهم من الجهل ، وتقوم حجة الله عليهم ، فإن العلماء عليهم أمر الناس ونهيهم ، وأن يبينوا لهم الطريق الشرعي ، ويرغبونهم في الخير ويرهبونهم من الشر { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } .