Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 88-96)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر الله تعالى أحوال الطوائف الثلاث : المقربين ، وأصحاب اليمين ، والمكذبين الضالين ، في أول السورة في دار القرار . ثم ذكر أحوالهم في آخرها عند الاحتضار والموت ، فقال : { فَأَمَّآ إِن كَانَ } الميت { مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } وهم الذين أدوا الواجبات والمستحبات ، وتركوا المحرمات والمكروهات وفضول المباحات ، { فـَ } لهم { رَوْحٌ } أي : راحة وطمأنينة ، وسرور وبهجة ، ونعيم القلب والروح ، { وَرَيْحَانٌ } وهو اسم جامع لكل لذة بدنية ، من أنواع المآكل والمشارب وغيرهما ، وقيل : الريحان هو الطيب المعروف ، فيكون تعبيراً بنوع الشيء عن جنسه العام . { وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } جامعة للأمرين كليهما ، فيها ما لا عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، فيبشر المقربون عند الاحتضار بهذه البشارة ، التي تكاد تطير منها الأرواح من الفرح والسرور . كما قال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } [ فصلت : 30 - 32 ] . وقد أول قوله تبارك تعالى : { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } [ يونس : 64 ] أن هذه البشارة المذكورة ، هي البشرى في الحياة الدنيا . [ وقوله : ] { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } وهم الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات ، و [ إن ] حصل منهم التقصير في بعض الحقوق التي لا تخل بتوحيدهم وإيمانهم ، { فـَ } يقال لأحدهم : { سَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } أي : سلام حاصل لك من إخوانك أصحاب اليمين أي : يسلمون عليه ويحيونه عند وصوله إليهم ولقائهم له ، أو يقال له : سلامٌ لك من الآفات والبليات والعذاب ، لأنك من أصحاب اليمين ، الذين سلموا من الذنوب الموبقات . { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ } أي : الذين كذبوا بالحق وضلوا عن الهدى ، { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } أي : ضيافتهم يوم قدومهم على ربهم تصلية الجحيم التي تحيط بهم ، وتصل إلى أفئدتهم ، وإذا استغاثوا من شدة العطش والظمأ { يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } [ الكهف : 29 ] . { إِنَّ هَـٰذَا } الذي ذكره الله تعالى ، من جزاء العباد بأعمالهم ، خيرها وشرها ، وتفاصيل ذلك { لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } أي : الذي لا شك فيه ولا مرية ، بل هو الحق الثابت الذي لا بدّ من وقوعه ، وقد أشهد الله عباده الأدلة القواطع على ذلك ، حتى صار عند أولي الألباب كأنهم ذائقون له مشاهدون له فحمدوا الله تعالى على ما خصهم به من هذه النعمة العظيمة ، والمنحة الجسيمة . ولهذا قال تعالى : { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } فسبحان ربنا العظيم ، وتعالى وتنزه عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً .