Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 109-111)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : وأقسم المشركون المكذبون للرسول محمد صلى الله عليه وسلم . { بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ } أي : قسماً اجتهدوا فيه وأكدوه . { لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ } تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم { لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } وهذا الكلام الذي صدر منهم لم يكن قصدهم فيه الرشاد ، وإنما قصدهم دفع الاعتراض عليهم ، ورد ما جاء به الرسول قطعاً ، فإن الله أيد رسوله صلى الله عليه وسلم بالآيات البينات ، والأدلة الواضحات ، التي - عند الالتفات لها - لا تبقي أدنى شبهة ولا إشكال في صحة ما جاء به ، فطلبهم - بعد ذلك - للآيات من باب التعنت ، الذي لا يلزم إجابته ، بل قد يكون المنع من إجابتهم أصلح لهم ، فإن الله جرت سنته في عباده ، أن المقترحين للآيات على رسلهم ، إذا جاءتهم فلم يؤمنوا بها - أنه يعاجلهم بالعقوبة ، ولهذا قال : { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ } أي : هو الذي يرسلها إذا شاء ، ويمنعها إذا شاء ، ليس لي من الأمر شيء ، فطلبكم مني الآيات ظلم ، وطلب لما لا أملك ، وإنما توجهون إلى توضيح ما جئتكم به وتصديقه ، وقد حصل ، ومع ذلك فليس معلوماً ، أنهم إذا جاءتهم الآيات يؤمنون ويصدقون ، بل الغالب ممن هذه حال أنه لا يؤمن ، ولهذا قال : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } . { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي : ونعاقبهم إذا لم يؤمنوا أول مرة يأتيهم فيها الداعي ، وتقوم عليهم الحجة ، بتقليب القلوب ، والحيلولة بينهم وبين الإيمان ، وعدم التوفيق لسلوك الصراط المستقيم . وهذا من عدل الله وحكمته بعباده ، فإنهم الذين جنوا على أنفسهم ، وفتح لهم الباب فلم يدخلوا ، وبيَّن لهم الطريق فلم يسلكوا ، فبعد ذلك إذا حرموا التوفيق ، كان مناسباً لأحوالهم . وكذلك تعليقهم الإيمان بإرادتهم ومشيئتهم وحدهم ، وعدم الاعتماد على الله من أكبر الغلط ، فإنهم لو جاءتهم الآيات العظيمة ، من تنزيل الملائكة إليهم ، يشهدون للرسول بالرسالة ، وتكليم الموتى ، وبعثهم بعد موتهم ، وحشر كل شيء إليهم حتى يكلمهم { قُبُلاً } ومشاهدة ومباشرة ، بصدق ما جاء به الرسول ما حصل منهم الإيمان ، إذا لم يشأ الله إيمانهم ولكن أكثرهم يجهلون . فلذلك رتبوا إيمانهم ، على مجرد إتيان الآيات ، وإنما العقل والعلم أن يكون العبد مقصوده اتباع الحق ، ويطلبه بالطرق التي بينها الله ، ويعمل بذلك ، ويستعين ربه في اتباعه ، ولا يتكل على نفسه وحوله وقوته ، ولا يطلب من الآيات الاقتراحية ما لا فائدة فيه .