Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 142-144)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : { وَ } خلق وأنشأ { مِنَ ٱلأَنْعَٰمِ حَمُولَةً وَفَرْشاً } أي : بعضها تحملون عليه وتركبونه ، وبعضها لا تصلح للحمل والركوب عليها لصغرها كالفصلان ونحوها ، وهي الفرش ، فهي من جهة الحمل والركوب تنقسم إلى هذين القسمين . وأما من جهة الأكل وأنواع الانتفاع ، فإنها كلها تؤكل وينتفع بها . ولهذا قال : { كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ } أي : طرقه وأعماله التي من جملتها أن تحرموا بعض ما رزقكم الله . { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } فلا يأمركم إلا بما فيه مضرتكم وشقاؤكم الأبدي . وهذه الأنعام التي امتنَّ الله بها على عباده ، وجعلها كلها حلالاً طيباً ، فصلها بأنها : { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } ذكر وأنثى { وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ } كذلك ، فهذه أربعة ، كلها داخلة فيما أحل الله ، لا فرق بين شيء منها ، فقل لهؤلاء المتكلفين ، الذين يحرمون منها شيئاً دون شيء ، أو يحرمون بعضها على الإناث دون الذكور ، ملزماً لهم بعدم وجود الفرق بين ما أباحوا منها وحرموا { ءَآلذَّكَرَيْنِ } من الضأن والمعز { حَرَّمَ } الله ، فلستم تقولون بذلك وتطردونه ، { أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ } حرّم الله من الضأن والمعز ، فليس هذا قولكم ، لا تحريم الذكور الخلص ، ولا الإناث الخلص من الصنفين . بقي إذا كان الرحم مشتملاً على ذكر وأنثى ، أو على مجهول فقال : { أَم } تحرمون { ما ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ } أي : أنثى الضأن وأنثى المعز ، من غير فرق بين ذكر وأنثى ، فلستم تقولون أيضاً بهذا القول . فإذا كنتم لا تقولون بأحد هذه الأقوال الثلاثة ، التي حصرت الأقسام الممكنة في ذلك ، فإلى أي شيء تذهبون ؟ . { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ } في قولكم ودعواكم ، ومن المعلوم أنهم لا يمكنهم أن يقولوا قولاً سائغاً في العقل ، إلا واحداً من هذه الأمور الثلاثة . وهم لا يقولون بشيء منها . إنما يقولون : إن بعض الأنعام التي يصطلحون عليها اصطلاحات من عند أنفسهم ، حرام على الإناث دون الذكور ، أو محرمة في وقت من الأوقات ، أو نحو ذلك من الأقوال ، التي يعلم علماً لا شك فيه أن مصدرها من الجهل المركب ، والعقول المختلة المنحرفة ، والآراء الفاسدة ، وأن الله ما أنزل - بما قالوه - من سلطان ، ولا لهم عليه حجة ولا برهان . ثم ذكر في الإبل والبقر مثل ذلك . فلما بين بطلان قولهم وفساده ، قال لهم قولاً لا حيلة لهم في الخروج من تبعته ، إلا في اتباع شرع الله . { لأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّٰكُمُ ٱللَّهُ } أي : لم يبق عليكم إلا دعوى ، لا سبيل لكم إلى صدقها وصحتها . وهي أن تقولوا : إن الله وصَّانا بذلك ، وأوحى إلينا كما أوحى إلى رسله ، بل أوحى إلينا وحياً مخالفاً لما دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب ، وهذا افتراء لا يجهله أحد ، ولهذا قال : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي : مع كذبه وافترائه على الله ، قصده بذلك ، إضلال عباد الله عن سبيل الله ، بغير بيّنة منه ولا برهان ، ولا عقل ولا نقل . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ } الذين لا إرادة لهم في غير الظلم والجور ، والافتراء على الله .