Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 161-165)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول ويعلن بما هو عليه من الهداية إلى الصراط المستقيم : الدين المعتدل المتضمن للعقائد النافعة ، والأعمال الصالحة ، والأمر بكل حسن ، والنهي عن كل قبيح ، الذي عليه الأنبياء والمرسلون ، خصوصاً إمام الحنفاء ، ووالد من بعث من بعد موته من الأنبياء ، خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وهو الدين الحنيف المائل عن كل دين غير مستقيم ، من أديان أهل الانحراف ، كاليهود والنصارى والمشركين . وهذا عموم ، ثم خصّص من ذلك أشرف العبادات فقال : { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي } أي : ذبحي ، وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما ، ودلالتهما على محبة الله تعالى ، وإخلاص الدين له ، والتقرب إليه بالقلب واللسان والجوارح ، وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال ، لما هو أحب إليها وهو الله تعالى . ومَنْ أخلص في صلاته ونسكه ، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله . وقوله : { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } أي : ما آتيه في حياتي ، وما يجريه الله عليَّ ، وما يقدر عليَّ في مماتي الجميع { لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ } في العبادة ، كما أنه ليس له شريك في الملك والتدبير ، وليس هذا الإخلاص لله ابتداعاً مني ، وبدعاً أتيته من تلقاء نفسي ، بل { وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ } أمراً حتماً ، لا أخرج من التبعة إلا بامتثاله { وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } من هذه الأمة . { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ } من المخلوقين { أَبْغِي رَبّاً } أي : أيحسن ذلك ويليق بي ، أن أتخذ غيره مربياً ومدبراً والله رب كل شيء ، فالخلق كلهم داخلون تحت ربوبيته ، منقادون لأمره ؟ ! ! . فتعين عليّ وعلى غيري ، أن يتخذ الله رباً ، ويرضى به ، وألا يتعلق بأحد من المربوبين الفقراء العاجزين . ثم رغب ورهب بذكر الجزاء فقال : { وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } من خير وشر { إِلاَّ عَلَيْهَا } كما قال تعالى : { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } [ فصلت : 46 ] . { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } بل كلٌ عليه وزر نفسه ، وإن كان أحد قد تسبب في ضلال غيره ووزره ، فإن عليه وزر التسبب من غير أن ينقص من وزر المباشر شيء . { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ } يوم القيامة { فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } من خير وشر ، ويجازيكم على ذلك ، أوفى الجزاء . { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ } أي : يخلف بعضكم بعضاً ، واستخلفكم الله في الأرض ، وسخَّر لكم جميع ما فيها ، وابتلاكم ، لينظر كيف تعملون . { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } في القوة والعافية ، والرزق والخَلْق والخُلُق . { لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ } فتفاوتت أعمالكم . { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } لمن عصاه وكذّب بآياته { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } لمن آمن به وعمل صالحاً ، وتاب من الموبقات .