Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 4-6)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا إخبار منه تعالى عن إعراض المشركين ، وشدة تكذيبهم وعداوتهم ، وأنهم لا تنفع فيهم الآيات حتى تحل بهم المثلات ، فقال : { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ } الدالة على الحق دلالة قاطعة ، الداعية لهم إلى اتباعه وقبوله { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } لا يلقون لها بالاً ، ولا يصغون لها سمعاً ، قد انصرفت قلوبهم إلى غيرها ، وولوها أدبارَهم . { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ } والحق حقه أن يتبع ، ويشكر الله على تيسيره لهم ، وإتيانهم به ، فقابلوه بضد ما يجب مقابلته به فاستحقوا العقاب الشديد { فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } أي : فسوف يرون ما استهزؤوا به ، أنه الحق والصدق ، ويبين الله للمكذبين كذبهم وافتراءهم ، وكانوا يستهزؤون بالبعث والجنة والنار ، فإذا كان يوم القيامة قيل للمكذبين : { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [ الطور : 14 ] . وقال تعالى : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ } [ النحل : 38 - 39 ] ثم أمرهم أن يعتبروا بالأُمم السالفة فقال : { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ } أي كم تتابع إهلاكنا للأُمم المكذبين ، وأمهلناهم قبل ذلك الإهلاك ، بأن { مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن } لهؤلاء من الأموال والبنين والرفاهية . { وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ } فينبت لهم بذلك ما شاء الله من زروع وثمار ، يتمتعون بها ، ويتناولون منها ما يشتهون ، فلم يشكروا الله على نعمه ، بل أقبلوا على الشهوات ، وألهتهم أنواع اللذات ، فجاءتهم رسلهم بالبينات فلم يصدقوها ، بل ردوها وكذبوها فأهلكهم الله بذنوبهم وأنشأ { مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } . فهذه سنة الله ودأبه في الأُمم السابقين واللاحقين ، فاعتبروا بمَنْ قص الله عليكم نبأهم .