Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 7-9)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا إخبار من الله لرسوله عن شدة عناد الكافرين ، وأنه ليس تكذيبهم لقصور فيما جئتهم به ، ولا لجهل منهم بذلك ، وإنما ذلك ظلم وبغي ، لا حيلة لكم فيه ، فقال : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } وتيقنوه { لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ظلماً وعلواً { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } . فأي بينة أعظم من هذه البينة ، وهذا قولهم الشنيع فيها ، حيث كابروا المحسوس الذي لا يمكن مَنْ له أدنى مسكة مِن عقل دفعه ؟ ! ! { وَقَالُواْ } أيضاً تعنتاً مبنياً على الجهل ، وعدم العلم بالمعقول . { لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } أي : هلا أنزل مع محمد ملك ، يعاونه ويساعده على ما هو عليه بزعمهم أنه بشر ، وأن رسالة الله ، لا تكون إلا على أيدي الملائكة . قال الله في بيان رحمته ولطفه بعباده ، حيث أرسل إليهم بشراً منهم يكون الإيمان بما جاء به عن علم وبصيرة وغيب . { وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ مَلَكاً } برسالتنا ، لكان الإيمان لا يصدر عن معرفة بالحق ، ولكان إيماناً بالشهادة الذي لا ينفع شيئاً وحده ، هذا إن آمنوا ، والغالب أنهم لا يؤمنون بهذه الحالة ، فإذا لم يؤمنوا قضي الأمر بتعجيل الهلاك عليهم وعدم إنظارهم ، لأن هذه سُنّة الله فيمن طلب الآيات المقترحة فلم يؤمن بها ، فإرسال الرسول البشري إليهم بالآيات البينات ، التي يعلم الله أنها أصلح للعباد وأرفق بهم ، مع إمهال الله للكافرين والمكذبين خير لهم وأنفع ، فطلبُهم لإنزال الملك شر لهم لو كانوا يعلمون ، ومع ذلك فالملك لو أنزل عليهم ، وأرسل ، لم يطيقوا التلقي عنه ، ولا احتملوا ذلك ، ولا أطاقته قواهم الفانية . { وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَٰهُ رَجُلاً } لأن الحكمة لا تقتضي سوى ذلك . { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } أي : ولكان الأمر مختلطاً عليهم وملبوساً وذلك بسبب ما لبسوه على أنفسهم ، فإنهم بنوا أمرهم على هذه القاعدة التي فيها اللبس ، وبها عدم بيان الحق . فلما جاءهم الحق بطرقه الصحيحة ، وقواعده التي هي قواعده ، لم يكن ذلك هداية لهم ، إذا اهتدى بذلك غيرهم ، والذنب ذنبهم ، حيث أغلقوا على أنفسهم باب الهدى ، وفتحوا أبواب الضلال .